تفتخر المهندسة المعمارية العراقية رشا صكر، التي نالت شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية من الدنمارك، البلد الذي يتنفس التصميم والهندسة، بأصولها العربية، فبعدما شعرت برغبتها في الاستقرار في العالم العربي مع زوجها وابنتها الصغيرة، اختارت الإقامة منذ عام في دولة الإمارات، التي ترى فيها دولة مفعمة بالأمل وتجمع الشرق والغرب معاً. «زهرة الخليج» حاورت صكر عن إبداعاتها وإنجازاتها في التصميم، وتعرفت إلى أفكارها التطويرية.

تخرجت رشا صكر عام 2008 في الكلية الملكية للفنون في كوبنهاجن. وتقول في هذا السياق: «هناك شعرت بقيمة تاريخ التصميم والهندسة المعمارية، والأساتذة هناك يتمتعون بقيم حقيقية في التصميم. وأكثر ما تعلمته وفخورة به أن لديهم صدقاً في الخامات، وطريقة تفكيرهم قريبة من اليابانيين، لديهم صراحة وبعد نظر لما ستؤول إليه الخامات المستخدمة في الديكور على امتداد السنوات».

الأطول عمراً

تقول صكر عن طفولتها، وكيفية اتجاهها إلى عالم الهندسة: «أسافر كثيراً منذ الطفولة، فأهلي يعشقون السفر. من هنا أصبح لديّ اطلاع على البناء المختلف، وتقاليد الدول وتغييراتها. كنت أيضاً أرسم وأنتقد نفسي كثيراً ولا أعرض رسوماتي على أحد إطلاقاً. تربيت في السويد من عمر ست سنوات. فالطفل السويدي يذهب للمدرسة ويهدي حصيلة درس النجارة لأهله. أنا كنت أرى أن أعمالي غير جيدة كفاية، ودائماً أرميها في الطريق، إلى أن حدث أن زارنا فنان عراقي كبير يدعى يحيى الشيخ، هذا الفنان متمكن ويشتغل في مواد مختلفة، وبالصدفة قال له أبي دعني أرك أعمال ابنتي، ولم أكن حينها في المنزل، وعندما وصلت إلى المنزل، جلس معي ومدحني وكان عمري حينها 10 سنوات، مما أعطاني دفعاً واتخذت قراراً من ذلك الوقت بأن مهنتي المستقبلية ستكون لها علاقة بالإبداع وقائمة على الرسم».

تقسيم المساحات

تنفذ صكر مشاريع منزلية وتجارية. ولا تنظر إلى التصميم الداخلي من منظور تأثيث المساحات بالمفروشات. موضحة: «المعتقد السائد لدى الناس في الدول العربية أن التصميم هو تأثيث فقط. أنا أراه كأنه الجلد الداخلي للمعمار الخارجي. ويجب أن تكون ثمة علاقة بين الداخل والخارج. وأحياناً يكون على النقيض، وفق أهداف المشروع. مهنتي ليست تأثيث المساحات، بل تقسيمها وكيف سيستعمل الإنسان هذه المساحة وسيتعايش معها، ولا أعطي شكلاً يتعايش معه الناس لاحقاً».

رسم الأثاث

تعرفنا صكر بدائرة أعمالها، فتقول: «لديّ شركة، وأعمل متعاونة مع شركة مفروشات سويدية تمتد لأربعة أجيال، ولديها محال في كل دول العالم، منذ 1923. يعمل فيها اليوم الجيل الرابع. متخصصة في الأسرّة الفاخرة كتلك الموجودة في برج العرب وأبراج الإمارات، وفي منازل النجوم والمشاهير. في الـ2009 التحقت بالعمل لديهم، إلى أن أنجبت طفلتي ومن ثم تابعت العمل معهم كمتعاونة. أنا Concept architect أصمم المحلات، ومسؤولة عن فتح محلات الـFranchise حول العالم، كل خمس سنوات يتغير مفهومها، وتتطور منتجاتها بشكل مستمر، ويغيرون في الأثاث والتصاميم، فأنا من يرسم الأثاث مع الإنتاج والتفاصيل والإصدارات الجديدة والمعارض».

جودة في البناء

تخبرنا المهندسة رشا صكر عن شقة قديمة أعادت تجديدها في السويد: «جددت شقة قديمة تعود لعام 1907 وأصحاب البيت يحبون السفر، والفكرة كانت أن الإنسان الذي يعيش يجمع أثاثاً وتحفاً، الشقة قديمة والمواد فيها أبدية. كل إنسان عايش في منزل لديه خلفية وذكريات، نستعمل أشياء قديمة ونضيف أشياء جديدة. غيرت الحمامات وأعددتها من حجر limestone. وكذلك غيرت المطبخ والأرضيات. هو بيت يتميز بجودة في البناء، اهتممت به وأبرزته. هو عالي السقف والشبابيك لها شكل جميل جداً، فلم أشأ أن أضع لها ستائر». تتابع صكر الخطوات العملية التي قامت بها، قائلة: «احترمت البيت ذا البناء القديم، وأحببت أن أضيف إلى الشقة خامات لها قيمة تعيش مئات السنين، تتعايشين معها وتصير أجمل، الخشب عندما تعملين به أو تعيشين معه يصبح أجمل، وكذلك المرمر وحجر الـLimestone وأفضل أنواع الموزاييك وكلها استثمار صحيح. أنا ضد التفكير بالديكور على أنه شأن استهلاكي. البيوت التي تستثمرين فيها ينتهي بك الأمر بأنها توفر على الإنسان لأنك لا تضجرين من ديكورها وجماله، وتغيرين داخليتها بشيء بسيط. أشعر بأن هذه النظرية يجب أن تطبق في الشرق الأوسط».