كان اهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالتراث بكل تفاصيله واضحاً وعظيماً. فالراحل الكبير مارس رياضة صيد الصقور منذ عامه الثاني عشر، واعتنى بسباقات الخيل والهجن عنايةً كبيرة، وخصص للفائزين فيها جوائز قيمة، مروراً بالعادات ومظاهر الحياة الاجتماعية، التي مارسها ولم يتركها طيلة حياته بلباسه المحلي، واجتماعاته مع ضيوفه، والمشهود لها بالكرم وحسن الضيافة والأصالة، ثم الحرف الصناعية، حيث كان مشجعاً لاستمراريتها وموصياً بإنشاء المراكز الخاصة بها، وإشراك المرأة في عملية الحفاظ عليها، لقربها من أغلب الحرف القديمة، وليس انتهاءً بالأماكن التراثية التي بقيت شامخة رغم رياح الزمن والاستعمار البريطاني التي مرّت عليها.
ومن أبرز مظاهر الاهتمام بالمعالم التاريخية ومكوناتها في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إنشاء المتاحف والقرى التراثية، مثل متحف العين، الذي يعد أول متحفٍ أقيم في الإمارات، وذلك عام 1969، وازدهار عمليات التنقيب عن الآثار وحمايتها، وإعادة ترميم وصيانة القلاع والحصون في كل إمارات الدولة والعناية بها، لتبقى شاهدة على تاريخ قوتها ونهضتها العمرانية. ومن أهم المباني القديمة التي تم الحفاظ عليها في إمارة أبوظبي، قصر الحصن، المعلم التاريخي الذي كان مسقط رأس مؤسس الدولة، والمكان الذي نشأ في باحاته، وتعلم فيه علومه الأولى، وتخرج فيه قائداً ملهماً وحكيماً.
الحصن، القصر الذي انتقل من كونه برجاً للمراقبة إلى مقرٍّ للحكم، وأضاف له الراحل مجلساً أصبح فيما بعد المكان الذي يتم فيه اتخاذ أهم القرارات التي غيّرت تاريخ هذه الأرض وشعبها. والذي يفتح أبوابه هذا العام للجميع، كما كانت أبوابه سابقاً تفتح لكل الزائرين، بمناسبة عام زايد، احتفاءً بمئويته، وتخليداً لذكراه القلبية والمكانية.