لم تتكئ على جمالها الأخاذ وملامحها التي تفيض رومانسية فحسب، شادية حفرت على الصخر لتصبح واحدة من ألمع نجمات السينما المصرية والعربية. ولدت عام 1931 في حي الحلمية الجديدة في القاهرة، لأب كان يعمل مهندساً زراعياً، وقبل اتجاهها للفن، خفق قلبها لضابط في الجيش المصري، وكانت الترتيبات تجري على قدم وساق لإتمام زفافهما، لكن يد القدر كانت أسرع إليه في حرب 1948. ولعل رحيل الحبيب على ذلك النحو الفاجع هو ما خلف نظرة الحزن تلك في عيني شادية لسنوات طويلة.

في عام 1952 قدمت شادية «قطار الرحمة» مع عماد حمدي، وبعد ذلك بعام قدما معاً «أقوى من الحب»، كما أعلنا عن زواجهما الذي دام ثلاثة أعوام فقط.
ويبدو أن النجمة التي كانت تسير بخطى ثابتة في عالم الفن آنذاك، لم تكن أبداً ترضى بأن يخلو قلبها من رجل، وكأن الحب هو إكسير لانكساراتها وتعويض فقدها حبيبها الأول. قدمت شادية «ودعت حبك» مع فريد الأطرش، وسرعان ما ذاعت قصة حبهما وباتت على كل لسان وعلى صفحات الصحف والمجلات الفنية.
انتهت صفحة الأطرش لتفتح شادية صفحة جديدة مع الإعلامي فتحي عزيز، الذي اقترنت به عام 1957، لكن غيرته الشديدة عليها دفعتها لطلب الانفصال، خاصة بعد خسارتها جنيناً منه أثرت فيها للغاية.
انتقلت شادية بعد ذلك إلى قصة عشق جديدة جمعتها بالممثل صلاح ذو الفقار، واستمر زواجهما سبع سنوات، أثمرت أيضاً عن أعمال مشتركة بين الزوجين العاشقين، لكن فقدانها جنيناً منه صدمها لتبدأ رحلة علاج من الصدمة، لتنفصل عن ذو الفقار رسمياً عام 1969. شراكة شادية مع ذو الفقار على الصعيد الفني أدت إلى إنتاج عشرات الأعمال، بينها مسرحية «ريا وسكينة» والأغنية ذائعة الصيت «يا حبيبتي يا مصر».
واللافت أن الاستقرار العاطفي في حياة شادية كان حافزاً كبيراً لها على الدوام لتقديم عطاء فني عظيم، وكأنها كانت في حاجة دائمة لداعم قريب منها يخرج أفضل ما فيها. وهي كانت محط عيون مشاهير المجتمعين الفني والإعلامي، وارتبطت بعدد من نجومهما الكبار، لكن أسباباً عدة حالت دون استمرارها في زواج طويل.
شادية اعتزلت الفن منتصف الثمانينات، مفضلة التفرغ للأعمال الخيرية وخاصة رعاية الأيتام، ولعل ذلك كان يناسب شخصيتها الرقيقة.
في عام 2017 رحلت شادية تاركة وراءها عشرات الأعمال الخالدة ما بين أفلام ومسرحيات وأغانٍ دخلت تاريخ الفن وأضحت جزءاً من ملامح الثقافة المصرية والعربية.
رحلت شادية، لكنها بقت أيقونة في نظر عشاق فنها، مؤكدة أن الأعمال الكبيرة لا تموت، وأن التزام الفنانة بعملها يجعلها في قلب دائرة التاريخ لا تنحسر عنها الأضواء أبداً، ولا يخفت الإعجاب بها.