تعد الأيام الأولى في الزواج مفصلية ومهمة في حياة أي زوجين، وذلك للمتغيرات الاجتماعية والنفسية التي تطرأ على إيقاع حياتهما، وهذه الأيام التي تعقب ما يسمى «شهر العسل» تتضح فيها صورة الانطباعات التي كونها كل شخص عن الآخر، إلا أن أكثر ما يثير القلق هو الأرقام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية، التي تشير إلى أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق التي يتم توثيقها سنوياً (تدور حول معدل 30%) هي للذين لم يمضِ على زواجهم عام واحد.

على الرغم من تعدد أسباب الخلافات، إلا أن علماء النفس والاجتماع يتفقون على وجود خمس أزمات إذا تجاوزها المتزوجون حديثاً في عامهم الأول، فسيكونون قادرين على استكمال حياتهم الزوجية، وهي: «اختلاف الطباع بين الزوجين، التبذير المالي، تدخل الأهل، الفارق الاجتماعي والدراسي، عدم تحمل المسؤولية».  «زهرة الخليج» وجهت تساؤلات في هذا الصدد لمختصين يعملون في الميدان التوعوي، لتبيين عدد من الأمور أو الصدمات التي تخرج الزوجين من القفص الذهبي في العام الأول من الزواج.
تقول دكتورة علم النفس سوسن رشاد: إن عدم قدرة الشاب والفتاة على احتواء بعض الأزمات البسيطة، التي تتفاقم مع الوقت ومن ثم تتسع الفجوة، عبر تدخل الأهل، تزيد المسافة بعداً بين الرجل والمرأة، لتأتي «الرياح بما لا تشتهي السفن» لاحقا.
وتضيف: «التقارير الموجودة في مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الإصلاح الأسري، لخصت أبرز المشاكل، بأنها إما تكون ذات بعد نفسي في عدم قدرة الزوجين على خلق مساحة التقاء للتفاهم، وإما تكون ذات بعد سلوكي مثل عدم قدرة الزوج على ضبط بعض الممارسات التي نقلها معه من فترة العزوبية مثل: السهر لفترات طويلة مع الأصدقاء خارج المنزل، أو التبذير المالي وعدم التوازن في الإنفاق، وفي بعض حالات الطلاق برزت خلافات ناتجة عن تدخل الأهل، وعدم اقتناع كل طرف بشريكه».
وتزيد رشاد: «لا بد أن يتوقع كلا الطرفين منذ البداية حدوث بعض المشاكل في السنة الأولى، لأنهما يخوضان حياة جديدة مختلفة عن الحياة التي تعودا عليها، فمن الطبيعي أن تنشأ بعض المشاكل لأسباب عديدة»، وأضافت: «هناك اختلاف الطباع واختلاف وجهات النظر، والخداع بأن كل ما كان في فترة الخطوبة ما هو إلا مسرحية والزوجان بطلاها».

ظروف وتنازلات

وبينت رشاد أن الظروف المادية الصعبة، وتراكم الديون المترتبة على متطلبات الزواج، إضافة إلى رغبة كل طرف وتمسكه بعاداته وفرض رأيه على الطرف الآخر، كلها عوامل تؤدي إلى اتساع الهوة بين الزوجين. وقالت: «لا أنصح بتدخل الأهل وعلى الزوجين تجاوز العقبات التي تعترضهما بمفردهما، لأن السنوات الأولى هي التي تحدد ملامح استمرار الحياة الزوجية لاحقاً». وعند طلب نصيحة من الدكتورة إلى الزوجين اللذين يبدأن حياتهما الزوجية، شددت على أنه يجب على كل طرف فهم الآخر ومعرفة ما يحب وما يكره. ولفتت إلى أن التضحية وتقديم بعض التنازلات من الطرفين أمر مهم، وتابعت قائلة: «على الزوجين اكتساب مهارات جديدة تحصن الزواج وتقويه من خلال حضورهما بعض الدورات أو استشارة بعض المختصين في هذا المجال».

المشاكل أمر طبيعي

في السياق نفسه، يقول المستشار الاجتماعي المتخصص في شؤون الأسرة، أنس عاشور: «المشاكل الزوجية في بداية الحياة الأسرية أمر طبيعي، وذلك لاختلاف بعض الطباع بين الزوجين»، وأضاف: «هناك زوجة لم تكن تتحمل مسؤولية في بيت أهلها، ثم أصبحت مسؤولة في البيت الجديد ولم تستطع القيام بمهام تلك المسؤولية، ودائماً ما تستمر هذه المشاكل مدة زمنية تصل إلى خمس سنوات من الزواج، وهنا لا بد من تدريب وتعليم طرفي الأسرة، على طرق تعديل السلوك الاجتماعي بين الأزواج من قبل مختصين في هذا المجال، وتعويد كل طرف على تحمل المسؤولية قبل الزواج».
ولم يعفِ عاشور الرجال من المسؤولية بسبب الاعتماد على الحرية المطلقة في تصرفاتهم، على حد وصفه، وما يترتب عليها من سهر مع الأصدقاء والدخول والخروج من المنزل دون مراعاة مشاعر عروسه.

الشك وتدخل الأهل

وبيّن عاشور: «من أهم الأخطاء التي تهدم الأسرة الزوجية، هي تدخل أهل الزوجين في حل هذه المشاكل البسيطة والتي يمر بها أي زوجين في العالم، ولا بد من بقاء المشاكل داخل إطار البيت حتى يستطيع الزوجان فيما بعد التمكن من حل مشاكلهما البسيطة مع بعضهما».  وكشف عن أن أغلب المشاكل الزوجية التي قام بحلها والنظر فيها، كان في مقدمة أسبابها: تدخل الأهل في المشاكل المعتادة والبسيطة، وجود الشك بين الزوجين، وعدم تفهم طرفي الزواج لاختلاف الطباع بينهما.