ما مصير آلاف الصور الشخصية التي تسجل لحظات خاصة في حياتنا، إذا فقدنا هواتفنا الذكية، لأي سبب؟ هل نشارك جميعنا ما نلتقطه على تطبيقات التواصل الاجتماعي، أو نحتفظ بنسخ منه في أرشيف التقنيات السحابية؟
أسأل وأنا أقلب «ألبومات» صوري الشخصية والعائلية، ذات الحجم الكبير، والأغلفة الأنيقة، وأجد صوراً من الطفولة وما بعدها، وأخرى للأسرة والأقارب والأصدقاء في مراحل وأمكنة مختلفة، وألاحظ أنها تخلو من أي صورة لي في السنوات الأخيرة، بعد انتشار الهواتف الذكية، بتقنياتها الضوئية العالية، وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على نشر الصور الثابتة وحفظها، مثل موقع «انستغرام» وغيره.
هل كان عليّ أن أتوجه إلى استوديو لطباعة بعضها، وضمه إلى «ألبوم»، لأملأ فراغ الأعوام فيه، أم أن هذا حل قديم، لم يعد مناسباً في عصر الإنترنت، والأمر ليس أكثر من مخاوف طبيعية؟ فنحن لن نفقد الصور في المستقبل، وقد أصبحت أكثر أماناً بين السحاب، وكل ما في الأمر أننا نحنُّ إلى الماضي، لكننا لا نستطيع عملياً العيش فيه.
يذهب الناس إلى الاستوديوهات اليوم لطباعة صورهم الرقمية غالباً، لاستخدامها في المعاملات والوثائق الرسمية. تغيرت وظيفة الاستوديو كلياً، مع انسحاب الكاميرا التقليدية بأفلامها التي تحتاج تحميضاً وتظهيراً وطباعة، وهيمنة الفيديو على ما يشاهده الإنسان في القرن الحادي والعشرين، بينما يجرب العلماء الآن فرضيات وتقنيات لاستعادة صورنا من الماضي البعيد.
كل ذلك لا يعني أن الصورة المطبوعة فقدت سحرها وخصوصيتها، فما زلنا نؤطرها ونعلقها على جدران البيوت، ولم يتخلَّ كثير منا عن تصفح المطبوعات المصورة، ولا ننسى أنه لولاها لفقدنا لحظات نادرة من حياتنا، ولم نعرف كثيراً من الوجوه والأحداث في القرنين التاسع عشر والعشرين. لقد حفظت لنا التاريخ، فصار أقرب إلى خيالنا، مع ثقتنا بأن الوسائل الحديثة ستوفر حلولاً لكل مخاوفنا وأسئلتنا.

ضوء

لا يزال بإمكاننا أن نملأ الألبومات الشخصية بلحظاتنا الخاصة والسعيدة، ولا نتنازل في الوقت نفسه عن الصور المكتظة في هواتفنا. المهم ألا يشغلنا التقاط الضوء عن ضوء الحياة نفسه.