لطالما كُنت أنظر بتحفّظ إلى تصنيف الدول إلى متقدمة وأخرى نامية، ذلك التصنيف الذي اعتدنا سماعه في مختلف المناسبات سواءً كان ذلك بمعايير علمية أو غير ذلك، والذي لا يزال يلقى أذناً مصغية حتى الآن. ودائماً كُنت أرى فيه حكماً مسبقاً على مدى قدرة منطقة ما في العالم على التحدّي والتطوّر وإثبات ذاتها، وفي الوقت ذاته كان غالباً ما يؤدي إلى توليد حالة من الإحباط وفقدان الثقة بالنفس لدى جيل الشباب في منطقة دون أخرى.
وهذا الموقف لديّ هو محصّلة طبيعية لوجودي في دولة اختارت أن تحذف من قاموسها كلمة مستحيل وابتكرت لنفسها وكل من يرغب في أن ينضم لرحلتها تعريفاً خاصاً للدول والمجتمعات هو أن كلّ مجتمع وإنسان أينما كان قادرٌ على تحقيق أي هدف إن آمن بقدراته وحرص على تحدّي أي عقبات وتحويلها لفرص، وهي مدرسة قيادة بدأها الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وتوجّه بتحويل الصحراء إلى أيقونة عالمية وحمل رايتها خير خلف لخير سلف.
أرى أن العصر الحالي الذي نعيشه يحتاج إلى تصنيف غير مسبوق مبني على الإيمان بالقدرات وليس على الموقع الجغرافي وأريد أن أسميه (العالم المستقبلي) وهو ما تعكسه بنظري رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهو تصنيف مفتوح لكل من يريد أن يكون جزءاً من تحقيق المستقبل ويستثمر قدراته ليحجز مقعده هناك منذ الآن. هذا العالم ليس خيالياً بل موجود وكان حاضراً في فعالية الاحتفال بـ375 ألف شاب وشاب عرب شاركوا في مبادرة (مليون مبرمج عربي) وكرّمهم صاحب السمو مؤخراً.
هؤلاء الشباب دخلوا بجدارة العالم المستقبلي ولم يتطلّب ذلك سوى إيمانهم بقدراتهم وقائد آمن بأن الجميع يستحقّ فرصة لاستثمار مهاراته مهما كانت. على الرغم من أن العالم اليوم ليس في أفضل حالاته وتعصف به الأزمات إلّا أنني أؤمن بأنه حافلٌ بالفرص لمن يريد خلق عالم أفضل.
العالم المستقبلي نواته بيوتنا أينما كنّا ومهما كانت قدراتنا وإمكاناتنا، ويمكن لكل أسرة أن تحجز مقاعدها في هذا العالم بالإيمان بقدرات أفرادها مهما كانت بسيطة في البداية، وأن تُشجعهم على إحداث فرق حولهم مهما كان بسيطاً ليحدث تأثير الدومينو فتنتقل عدوى الإيجابية من البيت للمدرسة للجامعة للمؤسسات في القطاعين العام والخاص. هذه بنظري مؤهلات الدخول للعالم المستقبلي، فهل تشاركونني الرأي أن مساحته الممكنة هي العالم باتساعه؟