الفكرة، هي الجذوة الأولى التي نبحث عنها، حين نبحث عن مشروع تجاري، حيث إن كل مشروع ناجح أو فاشل يبدأ بفكرة، فمن النادر أن تكون الفكرة في حد ذاتها ناجحة أو فاشلة، فهناك عوامل أخرى تؤدي إلى النجاح أو الفشل.
والكاتب يبحث عن الفكرة أولاً، ثم تنهال الكتابة بالتصوير والتشبيه، وأكثر من يبحث عن الفكرة هم كتاب الأعمدة اليومية، حيث إن دربة الكتابة عندهم وصلت إلى مرحلة الإتقان، فما إن يلتقط الفكرة حتى يكتمل المقال، وكأن الفكرة هي أصعب مرحلة في الكتابة عند بعض الكتاب، بينما الكتابة هي الأصعب عند الكثير ممن لا يتقنون الكتابة، أو أسلوب التعبير عن الفكرة.
وهناك مصطلحات متعددة نستخدمها وصفاً للفكرة، فهناك من يقول عندي فكرة جهنمية، وعلى الرغم من أنها فكرة حلوة إلا أنها تشبه بجهنم، وهي مشبه به لا يدعو إلى التفاؤل أو الأمان، وهناك من يقول عندي فكرة عبقرية، في حال وصفه لفكرة مبتكرة، وهناك باللهجة من يقول عندي فكرة إنما، ونفهم من إنما هذه أنها القاضية أو الفكرة النهائية.
فكأنما الأصل في الأحاديث هي الفكرة، في السياسة لا بد من الأفكار، وفي التجارة وهي مرتع الأفكار، وفي كل مناحي حياتنا تكون الفكرة أمراً مولداً لمواضيع ومشاريع، فهي كما تسمى بنت العقل، والمفكرون عادة ينسبون إلى الفكر على الرغم من أنهم يقومون بأعمال كبيرة من فكرة صغيرة.
ولأهميتها أيضاً تصبح مفتتح الحديث حتى لو لم تكن الفكرة مهمة، وأحياناً يكون هناك رأي ولكنه يسبق بكلمة على فكرة، ولا يقدم المتحدث وقتها فكرة بينما رأياً، ولكنه يبدأ حديثه بكلمة على فكرة، وهنا يصمت المقابل لإحساسه بأهمية الحديث القادم المسبوق بكلمة على فكرة، فكأنها تنسف ما قيل من قبل في أي حوار.
ولكثرة استخدامها تم التخلص في اللهجات من الألف المقصورة، وأصبحت في العديد من اللهجات (ع فكرة)، وتستخدم من دون تقديم فكرة، بل أحياناً تسبق الحديث عن خبر، وكأنه يلفت الانتباه، كأن يقول أحدهم على فكرة اليوم الأربعاء، وهذه معلومة وليست فكرة، ولكنه حمل الخبر على ظهر الفكرة لجذب الانتباه في حالات كثيرة.
وعلى فكرة قبل كتابة هذا المقال لم تكن لديّ فكرة محددة، ورأيت أن غياب الفكرة أحياناً، يولد فكرة موضوع متكامل، ألم أقل لكم ما إن تأتي الفكرة تنهال الكتابة ويخرج المقال، وإن المعضلة في الفكرة وليس في سرد الكتابة عند بعض الكتاب.

شعر

تدخلُ الفكرةُ فيما بيننا حدَّ التماهي           فأضاع العاشقُ الولهان أسراب دليله

فنراها قطعةً منا جميلة                           بين ساعات التصافي والسواهي

إن كتبناها توالت                                      كلما لملمَ أطرافاً من الصمتِ

أحرفٌ في لوحة الشعر تباهي                    كأطرافِ الخميلة

واعتلينا حجَرَ الحب وأعتاب الفضيلة           ونسينا مثلما الأطفال تنسى في الملاهي

واحتطبنا المجد من جاهٍ لجاهِ                   كتب الدرس الثقيلة