حُسن مجلوب من الطبيعة
في زحمة الموضة العصرية، ومواد التجميل المصنعة، والأزياء الحديثة، كثير من النساء قد يتساءلن: ماذا كانت تستخدم الفتاة الإماراتية قديماً استعداداً لعرسها، لتبدو في ليلة زفافها بكامل جمالها وبهائها الذي اشتهرت به ليلة عرسها؟ نستعرض في هذا التقرير أهم مواد الزينة وأنواع الملابس والحلي، التي كانت تعتمد عليها العروس في الماضي، وتعكس أصالة وعراقة تراث نساء الإمارات.

ما إن يحدد موعد يوم الزواج، حتى تبدأ العروس الإماراتية بتجهيز نفسها، حيث تهتم بالعناية بجمال جسدها أولاً.
وقبل العرس بأيام عديدة وربما أشهر، ترتدي ثياباً مصبوغة بخلطة مكونة من الورس «الكركم» والياسمين والهيل، ويُدهن جسمها بالنيل، ويدهن شعرها بالعنبر والياسمين، ويجدل بالورد والياس والمحلب، وكلها مواد طبيعية ونباتية، كما تتم العناية بتغذيتها استعداداً لمرحلة جديدة يجب أن تدخل عليها وهي في كامل صحتها وجمالها.

الحلي والمصوغات
يُعتبر شراء الذهب والمصوغات من أساسيات الزواج الإماراتي، قديماً وحديثاً، إذ لا يزال يحتل مكانة اجتماعية، وقد ارتبط وثيقاً بصورة المرأة الإماراتية وذوقها. وتشمل المصوغات أشكالاً تقليدية عديدة، مثل «المرتعشة»، وهي قلادة عريضة تحيط بالرقبة، وتتدلى منها سلاسل ذهبية مكونة من أشكال هندسية متناسقة، تُحدث بريقاً جميلاً أثناء «ارتعاشها» عند الحركة. و«الحيول» وهو المسمى الإماراتي للأساور، مفردها «حِيِل» أي سوار، وأصلها في اللغة من «حجل»، وتتوافر منه أنواع عديدة، إضافة إلى «الكف» وهو تصميم ذهبي جميل يجمع بين الأساور والخواتم والسلاسل، وتعد «الطاسة» أيضاً من الحلي الجميلة والمتميزة للعروس الإماراتية، وهي عبارة عن غطاء للرأس، إما دائري أو مستطيل، بحيث يغطي فروة الرأس بأكملها، وتتدلى منه سلاسل طويلة ذات نقوش وتصاميم مختلفة، ترتديها العروس ليلة الزفاف.

ملابس وأزياء
تعتبر الملابس والأزياء المتميزة من أهم زينة عروس الماضي، وتُعرف بأسماء عديدة وفقاً لطريقة تطريزها أو تصميمها، ومن أنواعها بحسب تطريزها: المزارية والمخوّرة، ومن أنواع الأقمشة: كف الحوار وبستان الياهلي، ومنها أيضاً أبو نيرة، ومن الحرير الصيني أبو طيرة وأبو قلم والصاية والسلطاني وأبو بادلة والمخور أبو تسيعة، وكذلك أبو قفص والداغ وأبو طيرة الرفيع وبوسيم والسواري، إضافة إلى عدة سراويل مختلفة الألوان. أما «الشيل» وهو الغطاء الذي يوضع على الرأس ويُغطى به الشعر، وأحياناً تغطي المرأة وجهها بطرفه، فمنه شيلة النيل الهندية والشيلة السوداء وشيلة أبو قفص والميدة، إضافة إلى الثياب الرفيعة. وأنواع من العباءات منها سويعية، أم الخدود، وأم التلايج الخفيفة أو السميكة.

الديرم والكحل
من المهم لعروس تلك الأيام أيضاً أن تبدو أسنانها ناصعة ولامعة، لذا فقد كان يستخدم لها لحاء شجرة اسمها «الديرم»، يؤخذ منه جزء يابس وينقع بالقليل من الماء، ويستخدم في فرك الأسنان وتبييضها، كما يعطي لوناً أحمر قانياً طبيعياً وجميلاً للشفاه واللثة، يستمر لونه مدة أسبوع· ويُعد الكحل العربي كذلك من أهم مواد التزيين قديماً، وهو مسحوق حجر أسود تقوم المرأة بسحقه وتنعيمه، ثم تضعه على أهداب عينيها ليضيف إلى جمالها ويُبرزه.

الحناء
تعتبر الحناء رمزاً لعناية المرأة الإماراتية بجمالها، وهي شكل قديم من أشكال الزينة، وقد استخدمت الحناء في التجميل وكانت من أهم زينة العروس في السابق، وقد عرفت بأشكال وألوان متنوعة، من ضمنها الغمسة والقصة والروايب، والأخيرة «طلاء مفْصل واحد من كل إصبع، ومد خط إلى منتصف الكف»، والجوتي «تخضيب القدمين»، وبياريج، أي علَمين متقاطعين، وكان أهل العروس يبدؤون في إعداد الحناء لها ويحنونها غمسةً كل أسبوع «أي وضع الحناء في باطن الكف وخارجه».

«الزهبة»
«الزهبة» من التفاصيل المهمة في طقوس العرس الإماراتي في الماضي وإلى يومنا هذا، مع تغيير بسيط في بعض الأمور التي تتميز ببصمتها العصرية، حيث كان أهل العريس يأتون إلى بيت أهل العروس، وهم يحملون الهدايا لها في حقائب تُعرف بـ«السحّارة» أو «المندوس»، وتعرض على الناس لاحقاً في احتفالية خاصة تسمى «المكسار»، وتضم الملابس الخاصة بالعروس ومختلف أنواع العطور، والمستلزمات الأخرى المتعلقة بزينة الفتاة مثل المبخرة وغيرها، ويعد الذهب من أهم محتويات هذه الهدايا.

عطور
لا تخلو حاجيات العروس من العطور وأهمها دهن العود، دهن الزعفران، دهن العنبر والصندل والفل والنرجس ودهن الورد، إضافة إلى المخمرة والدخون والعود، والبخور، وكذلك «الشب» الذي كان يُطحن ويستخدم كمزيل لرائحة العرق. وتُسحق جميعها لتكوّن مسحوقاً، ثم يخلط بالماء ويوضع على شعر المرأة، والباقي يفرك به الجسم؛ لإعطائهما رائحة طيبة.

«النيلة»
 عرفت المرأة الإماراتية مادة «النيلة» الزرقاء، باستخداماتها العديدة منذ عهود طويلة، وهي عشبة ذات صبغة زرقاء، داكنة اللون تستخدم في تبييض البشرة، وتنمو أساساً في الهند، ولكنها تعتبر أحد أسرار «عروس الإمارات» في الماضي، حيث كانت تعتمد عليها كمقشر طبيعي لجميع أجزاء جسمها، إذ تُكسبها لوناً جذاباً وبشرة نقية، لا تشوبها أي أوساخ أو بقع داكنة، وكان يتم خلطها بالماء ثم توضع على كامل الجسم وتترك لساعات طويلة، وكلما زاد الوقت تكون النتيجة أفضل.