لم تهتم دولة الإمارات بالعمران المادي الراقي ولا بتوطين الحضارة التقنية فحسب، بل أسست لذلك «عمراناً بشرياً» زوّدته بالمعرفة والخبرة والإبداع، فكان للإعلام نصيب من هذا البناء، ومن خلاله تألق «تلفزيون أبوظبي» في دوره الحداثي، ليجعل من الثقافة العربية خصيصة ينسل منها مواليد متجددة ومبتكرة، عبر برامج أشرق بها عقل ووجدان المشاهد في العالم العربي. في التقرير التالي نستعرض أهم هذه البرامج.

في الوقت الذي تتسابق فيه معظم الشاشات العربية على استيراد برامج عالمية وتدوير أفكار مقلدة، عكفت شركة «أبوظبي للإعلام» من خلال قنواتها التلفزيونية على وضع التجربة الثقافية الإماراتية على محك التجريب الخلاق، فأثبتت أنه في الإمكان توازياً مع التطور التكنولوجي والاقتصادي، التعامل مع الجانب الثقافي بأسلوب عصري وناجح، جديد وغير مكرر، من خلال صناعة برامج تُعد من أهم الإنجازات الإعلامية التي أضافت إلى العقل العربي.

أمير الشعراء
في عام 2007 انطلقت مسابقة «أمير الشعراء» من قبل هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ونظمت حتى عام 2018 ثمانية مواسم، وتسابق خلالها آلاف الشعراء للفوز، بهدف تأكيد القيمة الثقافية والإنسانية للشعر وإعادة إحياء الاهتمام به، وتشجيع الأجيال الجديدة على تنمية مواهبهم الشعرية، وإتاحة الفرصة للشعراء الشباب للتفاعل مع شعراء متميزين، والتعرف إلى الأوزان والقوافي والمدارس الشعرية المختلفة، ويحظى البرنامج بمعدلات مشاهدة مرتفعة، ويطرح فيه المتسابقون في قصائدهم شؤون الوطن والمجتمع والانتماء والقيم الأصيلة والولاء، ويُلهبون مشاعر الجماهير ليعود الشعر لمكانته في المجتمع. فاز «أمير الشعراء» بالجائزة الذهبية لفئة البرامج الثقافية في «مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون» عام 2016 في المنامة، بمشاركة المئات من الأعمال. كما كان قد حصد «جائزة العويس للإبداع» لعام 2014، عن فئة أفضل برنامج ثقافي محلي تلفزيوني. كما حصل على أهم جائزتين عام 2009، في مجال العمل التلفزيوني على الصعيدين العربي والعالمي، كأفضل برنامج مبدع في مهرجان A.I.B البريطاني، وعلى الجائزة الذهبية كأفضل برنامج في مهرجان الخليج للتلفزيون في البحرين.

شاعر المليون
تم إطلاق «شاعر المليون» عام 2006، وهو برنامج تلفزيوني متخصص في مسابقة الشعر النبطي، انطلق من أبوظبي بفكرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ولقي شاعر المليون مُتابَعة واسعة في العالم العربي في نسخته الأولى سنة 2007، وقامت محطات فضائية عديدة ببث حلقات البرنامج الأسبوعية، كما قامت بمتابعة وتغطية الحدث إخباريّاً محطات عالمية وعربية عديدة، ويهدف البرنامج إلى إحياء الشعر النبطي، الذي يعتبر مرتبطاً ببادية عرب الخليج العربي من الناحية اللغوية والنمطية، ويتم بث الحلقات المباشرة عبر قناتي «بينونة» و«الإمارات»، ويحظى البرنامج بمعدلات مشاهدة عالية وجماهيرية كبيرة.

تحدي القراءة
وفي مسيرتها الإبداعية ذاتها، وتبنّيها الرؤية التي تدعم سياق التواصل الجماهيري، وإبراز نماذج مُلهمة في مجالات متميزة، وقّعت شركة «أبوظبي للإعلام» مؤخراً، اتفاقية شراكة بين كل من «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، بغرض تحويل «تحدي القراءة» العربي الذي ينضوي تحت مظلة المؤسسة، إلى منتج تلفزيوني عربي رائد، بهدف نشر ثقافة القراءة والاطّلاع، وتعميمها بين شباب العالم العربي من أجل الإسهام في إعداد جيل عربي قادر على استئناف الحضارة العربية، وخلق تفاعل مباشر ومتابعة حية من المشاهدين والجمهور لأبطال «تحدي القراءة»، ولمراحل التحدي المختلفة من البداية وحتى التصفيات ما قبل النهائية والمنافسات النهائية، واختيار أبطال التحدي، وصناعة نجوم في عالم القراءة والثقافة والمعرفة في العالم العربي.