ليس سهلاً أن يجمع مشروع ثقافي أكثر من عشرة ملايين عربي، تحت مظلة تنافسية واحدة، كما حدث في النسخة الثالثة من «تحدي القراءة العربي»، الذي أصبح مهرجاناً معرفياً سنوياً، ينتظره ملايين الطلبة في العالم العربي وخارجه، واكتسب تنظيمه خبرة ونضجاً، إلى أن قررت مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» وشركة «أبوظبي للإعلام» تحويله إلى منتج تلفزيوني.
الفكرة استثنائية في التقاط شغف الأجيال الجديدة، ونقل التنافس بين الطلبة من المدارس إلى برنامج تلفزيوني يحفز الملايين إلى القراءة ويفتح أذهانهم على آفاق واسعة في العلوم والآداب والفنون، من خلال العودة للكتاب، واحترام قيمته ودوره في المعرفة البشرية، بعدما سادت موجة من نسخ البرامج الأجنبية، وتكييفها، لتلائم نسبياً واقع العرب، وطموحات شبابهم، وكان الهدف التجاري طاغياً على غيره.
إنتاج المشروع سيكون تحدياً آخر، تقبل به إمارة أبوظبي التي ابتكرت نموذجين ناجحين للمسابقات الإبداعية في عام 2007، عبر «شاعر المليون» و«أمير الشعراء»، واستقطبت اهتمام ملايين المتابعين العرب، وأعادت الاعتبار للقصيدة والنقد الأدبي، ودربت الذائقة الشعرية العربية لدى الجيل الجديد على التلقي الممتع والواعي.
«تحدي القراءة العربي» المتلفز عبر «أبوظبي للإعلام» يبدأ الموسم المقبل، وسيكون الأسلوب البرامجي في التعامل مع الإقبال الجماهيري الهائل حصرياً ومسجلاً باسم الإمارات، فلم يسبق لأي شبكة تلفزيون عالمية أن خاضت تجربة من هذا النوع، لأن المسابقة تمر بمراحل وتصفيات كثيرة، وهناك آلاف المشرفين والمدارس المتنافسة في كل دولة.
اللافت أن «تحدي القراءة» انبثق من مبادرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، كما أن برنامجي «شاعر المليون» و«أمير الشعراء» رعاهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فالقيادة وضعت أساساً صلباً للثقافة والمعرفة والعلم.


ضوء

«تحدي القراءة» و«شاعر المليون» و«أمير الشعراء» علامات إماراتية في الإبداع الإعلامي، نستطيع أن نصفها بـ«علامات عالمية»، لأنها تسعى إلى صناعة إبداعية، في تنمية الوعي العربي، وجعله أكثر ثقة وأملاً، وإقبالاً على الإسهام في الحضارة الإنسانية.