نعلم جميعاً أن الطفل حين يولد يمتلك نحو 350 عظماً. لكن، بعد اكتمال نموه وبلوغه سن البلوغ، يتقلص العدد إلى 206 عظام. وبحساب بسيط، نجد أن الفارق يبلغ 144 عظماً «مفقوداً»، ما يوازي 41% من التركيبة العظمية الأصلية.
فأين «تختفي» تلك النسبة الكبيرة من عظامنا؟ هل تذوب؟ هل هي مجرد عظام «مؤقتة» تتيح للطفل إجادة البكاء والضحك والابتسام، ثم تزول لانتفاء الحاجة؟
طبعاً، لا هذا ولا ذاك. فببساطة، العظام لا تختفي ولا تتلاشى، إنما على العكس تنمو وتكبر بمرور سنوات العمر، إلى أن تصل إلى أطوالها وأحجامها النهائية في حدود سن 20 عاماً. لكن ذلك لا يجيب عن السؤال: لماذا إذن هي أقل عدداً؟
الجواب أن مجموعات من العظام «تلتحم» و«تتحد». فعظام الجمجمة تكون، عند الولادة، أقرب إلى الغضاريف منها إلى العظام، من أجل تسهيل الولادة ومرور الوليد من الإحليل من دون إحداث ضرر بتركيبة الجمجمة. فلو كانت عظاماً صلدة مكتملة، لأصبحت الولادة عسيرة، للطفل مثلما للأم، ولأحدث ذلك عيوباً دائمة في شكل الرأس. تلك العظام، تبدأ بالالتحام شيئاً فشيئاً، مما يقلص عددها.
وفي العصعص أيضاً (في أسفل العمود الفقري)، هنالك 4 عظام منفصلة في بداية العمر، ثم ما تلبث أن تلتحم لكي تشكل عظماً واحداً.
وتلك مجرد أمثلة. فالشيء نفسه يحصل مع مجموعات عظام أخرى، في العمود الفقري والحوض وبشكل خاص الطرفان العلويان والسفليان. إذ تلتحم مجموعة من عظام عدة فتؤلف عظماً واحداً، مما يقلص العدد، الذي يصبح في النهاية 206 عظام (من بينها 60 للطرفين العلويين ومثلها للسفليين).
وبحسب الباحثين، يبلغ وزن الهيكل العظمي «الصافي» (أي من دون «المادة الحمراء») أربعة إلى ستة كيلو جرامات عند الرجل، وثلاثة إلى خمسة كيلو جرامات عند المرأة. أما أكبر العظام، فهو عظم الفخذ، وأصغرها عظم الرِّكاب، في الأذن الوسطى. سمي كذلك لأن شكله يذكر بركاب الجواد... إنما بطول 0.3 سنتيمتر وعرض ربع سنتيمتر.
ومن اللافت أيضاً أن معظم أعضاء الجسم تقع خارج الهيكل العظمي، عدا الأعضاء الأهم: الدماغ (داخل الجمجمة لحماية أكبر)، والقلب والرئتين (داخل القفص الصدري، للغاية ذاتها).