أصبح الطلاق كمرض السرطان، لا يخلوا بيت في وطني من حالة على الأقل. قد يجادلني أحدهم بأنني لم أقم ببحث استطلاعي، فأجيبهم لأنني أعيش مع تلك الأسر، فلا أحتاج إلى نسب ودراسات علمية، كما أن معظم تلك الحالات حديثة الزواج، وبعضها ينتهي خلال فترة «شهر العسل»، النسب تعتمد على بحوث ومنهجية وعمليات إحصائية مجردة، ولكن الملاحظات وسماع القصص قد يكون أصدق في الواقع، وفي النهاية هي حقيقة بعض الحالات المؤلمة تلك التي تجرح قلباً عاشقاً، ودائماً هناك طرفان قد يبكي أحدهما أكثر أو يزيد الألم في قلب أحدهما أكثر.

حديث متشعب

الحديث عن الطلاق متشعب، وتجربة الطلاق سيئة لمعظم الناس في المدى القصير، حيث يشعرون بالخزي وبالفشل الشخصي والإحساس بالاكتئاب نتيجة الوصمة. والشعور بالإحباط لنهاية حلم لم يستمر، وقد يواجه أوقات الذعر والقلق المالي، وقد يعيش حياة لا يرغب في العيش فيها. سمعت قصصاً مختلفة، ورأيت نساء ورجالاً يتحدثون عن تجاربهم الشخصية ومعاناتهم قبل وخلال وبعد الطلاق، وكلٌّ يتحدث من وجهة نظره التي عادة تختلف عن وجهة نظر الطرف الثاني، وكلٌّ يتهم الآخر والذي قرر الرحيل وانتهاء العلاقة، هو الذي غالباً الجاني والسيء والآخر هو الضحية. عادة هناك عبارات يكررها أحد الطرفين أو كلاهما: «دائماً يسيء/ تسيء فهمي، نحن على حافة، لا أريد الحديث في الموضوع، حياتنا مع بعضنا انتهت، أنا مشوش/ مشوشة، الرجاء عدم التدخل».

أسباب مختلفة

وإذا نظرنا للأسباب فقد نستطيع اختصارها في: الاختلاف في الاهتمامات والاحتياجات، والتوقعات الخاطئة. فكلٌّ منهما يتوقع أن في الزواج تحقيق الأحلام والأمنيات المستحيلة، والخيانات الزوجية والتي أصبحت منتشرة لدى الجنسين، والتسرع في الإنجاب تحقيقاً لأحلام الجد والجدة وتوقعات المجتمع، إصابة أحدهما باضطراب جنسي، مما يؤدي إلى مشاكل في العلاقة الحميمية بينهما، والارتباط غير السوي بجهاز الهاتف النقال وبرامج التواصل الاجتماعي، واختلاف الخلفية الثقافية لكل منهما، على سبيل المثال: قد يأتي أحدهما من بيئة تسمح بالاختلاط وأخرى متزمتة، والبخل المادي والعاطفي، إضافة إلى عدم تبادل الحب بينهم.
هنا لن أتحدث عن الحلول، ولن أضع نقاط الوقاية والعلاج وحل المشكلة، بل سأترك التساؤل قائماً، وعلى الأشخاص المعنيين، والاستشاريين الأسريين، والمحكمين، ولكل من له مهمة وظيفية في هذا الشأن، لكل من يفكر في هذا المجتمع وتماسكه ومستقبل أجياله، الإجابة عنه.
والسؤال: هل نحن حقاً نتفهم مدى واقعية المشكلة والخطر القادم؟ وهل هناك اهتمام حقيقي ومهني من المختصين والأسر والمؤسسات المدنية؟ علّنا نجد الإجابة الشافية وليست الإنشائية كما اعتدنا، ووضع الجُمل والعبارات المسكّنة كالدواء القاتل للآلام.

استشارة

* أنا وزوجي معاً منذ أكثر من 10 سنوات. لدينا طفلة رائعة تبلغ ثمانية أعوام، بدأت علاقتنا تضطرب مؤخراً، فقد تمر أيام من دون أن نتحدث. علاقتنا العاطفية انتهت تقريباً، كما أنني تعبت من تحمل جميع المسؤوليات، أصبحت عصبية وأتشاجر معه على أمور بسيطة. أصيب بمرض مزمن مؤخراً، وكنت داعمة له، ولكنه سلبي ولا يحاول إيجاد أي حل إيجابي لمرضه، مما أثر في عائلتنا، وحتى لا تتأثر ابنتي بدأت أنشغل بها. ولكنني سئمت الوضع وابتعدت عن أصدقائي، وانعزلت عن أقاربي، أشعر بأنني استسلمت للوضع السلبي الذي أعيشه، ما الحل؟
• لا تفكري بالطلاق بهذه السرعة فقد لا تكونين مستعدة للعيش وحيدة.
• لا تستمري بالصمت والاستسلام بل يجب أن تحددي وقتاً للحديث معه، ومواجهة مشاعرك وانفعالاتك، وتكوني مصغية لحديثه، وتتقبلي وجهات نظره، ولك الحق في الاختلاف معه.
• يفضل أن تعززي علاقة ابنتك بأبيها، واتركي لها مساحة التعامل معكما من خلال مشاعرها وانفعالاتها.
• إذا شعرت بأنك لا تستطيعين التعايش أو حل المشكلة، أنصحك بالذهاب لمرشد في العلاقات الزوجية.