كانت على الأغلب تطل بالأبيض، تزين جيدها بصفوف اللؤلؤ، وتترك شعرها ناصع البياض يتوجها وقاراً فوق وقارها، معززاً من أرستقراطيتها الرفيعة، لهذه الأسباب لُقبت مصممة الأزياء الفرنسية Nina Ricci إيطالية المولد (1883 – 1970) بالسيدة البيضاء. ورغم أن علامتها من أعرق دور أزياء الخياطة الباريسية الراقية، فهي لم تشبه أقرانها مثل Elsa Schiaparelli أو Chanel. والسبب هو أن شهرتها لم ترتكز على إنجازات ثورية، وإنما آثرت أن تبدع في هدوء تلك الأناقة الكلاسيكية الرصينة بالغة الأنوثة.

أيقونتنا البيضاء، رغم ابتعادها عن الأضواء، ذاع صيتها، وسطرت صفحات إلهامية في تاريخ الموضة. هذه الخيّاطة التي علمت نفسها بنفسها، بدأت علامتها فقط عام 1932 بإصرار من ابنها الوحيد، رجل الأعمال الذي أدار الدار تسويقياً، وإليه يعود الفضل في ألا تظل والدته تصمم أزياء في الظل لدور أخرى. ولا شك في أن هذه الشراكة بين الأم وابنها في عالم الموضة تعد فريدة من نوعها. عكفت نينا على مدى سنوات طوال على تصميم أزياء «ديمقراطية» للعامة متاحة لنساء الطبقات المتوسطة الميسورة، كما أن أزياء الكوتور التي أبدعتها كانت تباع بثلث ثمن أزياء مصممين معاصرين مثل Lanvin وVionnet.

البدايات

بعد وفاة والدها، وفي الثالثة عشر من عمرها، ذهبت لتَعلم الخياطة في باريس، وتزوجت في الثالثة والعشرين لتنجب ابنها Robert مؤسس الدار، وتصبح أرملة بعدها بأربعة أعوام. نينا وهبت عمرها لنجلها وعملها، إذ لم تتزوج ثانية حتى وفاتها في السابعة والثمانين. وعام 1908 التحقت نينا بالعمل لدى دار أزياء Raffin الفرنسية، وظلت هناك لأكثر من عشرين عاماً. وجنت أرباحاً وفيرة من بيع الباترونات، التي كانت تقوم بتنفيذها لخيّاطات أخريات، إلى جانب بيع تصاميمها مباشرة للمجتمع الباريسي الراقي. 

الهوت كوتور

وحينما دخلت نينا عالم الهوت كوتور، لم يكن هنالك ما تتعلمه، إذ لم ترسم تصاميمها قط، وكانت فور اطمئنانها للتصميم، تقوم بإرسال النموذج المبدئي لورشة العمل للتنفيذ. مثل هذه الثقة والحساسية الدقيقة للأقمشة، وضعت نينا في مصاف كبار مصممي الكوتور الفرنسيين، أمثال Alix Gres. وعام 1954، اعتزلت العمل، تاركة الدار لمساعدها البلجيكي Jules-François Crahay الذي أمسك بزمامها حتى أوائل الستينات.