السيدة الإيزيدية المولودة عام 1993، حازت على «نوبل» للسلام هذا العام مناصفة مع طبيب كونغولي، لجهودهما في مكافحة العنف الجنسي بحق النساء. لكن رحلة نادية من سنجار شمال العراق إلى نوبل لم تكن مفروشة بالورود أبداً.

نادية التي كانت تعيش حياة وادعة مع أهلها ومحيطها، حيث الطبيعة والجبال والأشجار والسماء الصافية، انقلبت حياتها رأساً على عقب حين ظهر تنظيم داعش في الأنحاء وتقدم سريعاً نحو بلدة كوجو في سنجار، لتُختطف نادية وتعامل كـ«عبدة جنسية» لعناصر التنظيم المتطرف. جرى اغتصابها مرات ومرات، وتم بيعها مراراً، وهي تجرعت كل ذلك ليغوص عميقاً في روحها الغضة جنباً إلى جانب مأساة مقتل ستة من أشقائها على يد داعش.
نادية تقول عن ذلك في مقابلة صحافية: «تحت حكمهم، المرأة التي تتعرض للسبي تتحول إلى غنيمة حرب، وإذا حاولَت الفرار، فإنها تُحبس في غرفة منفردة، ثم يغتصبها الرجال الموجودون في المبنى، وبدوري كنتُ عرضة للاغتصاب الجماعي».
بعد الإذلال الطويل الذي تعرضت له، والمعاناة الهائلة التي عاشتها، ولحظات الرعب من أن تلقى حتفها، تمكنت نادية من الهرب بمساعدة أسرة سنية في الموصل، التي تحولت، آنذاك، إلى مدينة تعج بالإرهابيين من كل أنحاء العالم، ولا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم، أو انتهاك الإنسانية من دون تردد. هربت نادية وهي تحمل على كتفيها آلاماً هائلة، لتفر تالياً إلى خارج العراق.
في 2017 نشرت نادية كتاباً عن تجربتها المريرة، وأضحت مدافعة عن حقوق الإيزيديين وتعريف العالم بقضيتهم وعذاباتهم خاصة على يد عناصر داعش الذين ارتكبوا مذابح وحشية بحقهم، وخطفوا العشرات من الفتيات من دون تفريق بين طفلة وسيدة راشدة.
قبل ذلك اختارتها الأمم المتحدة سفيرة لمكافحة المخدرات والجريمة للنوايا الحسنة في 2016، وكانت السيدة الأولى من الناجيات من الجرائم في العراق، التي يتم تعيينها في منصب مشابه.
وفي العام ذاته فازت نادية بجائزة سخاروف الأوروبية في مجال حقوق الإنسان.
تجاوزت نادية محنتها بصلابة، واقترنت في أغسطس الماضي بالشاب العراقي عابد شمدين، في مدينة توتغاد الألمانية.
ويبدو أن العذاب الذي تجرعته نادية وما رأته من أهوال أحاطت بقومها، عجم عودها، وقوى روحها، وجعل منها أيقونة نسائية وحقوقية، طرحت آلامها الشخصية جانباً، لتكرس حياتها من أجل الآخرين.