يجسد شعار «قصة حروف» الذي تحمله الدورة الـ37 من «معرض الشارقة للكتاب» قيمة الحرف في تاريخ المعرفة الإنسانية، وأثره على فتح أفق الاكتشاف والتواصل بين حضارات العالم.

المعرض الذي يستمر لمدة 11 يوماً، خلال الفترة بين 31 أكتوبر الحالي و10 نوفمبر المقبل، بمشاركة 1874 داراً للنشر، من 77 دولة من مختلف أنحاء العالم، يؤكد مركزية الشارقة، الإمارة الباسمة ومشروعها على خريطة الفعل الثقافي العالمي، وهي الركائز التي يُقام عليها المعرض منذ انطلاقته برؤى وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، حيث ظل «الشارقة للكتاب» منذ انطلاقه منصة لتلاقي الحضارات وتبادل المعارف، وبناء مختلف أشكال الحوار الإنساني عبر الثقافة والكتاب.

مشاركة مرتفعة

يسجل المعرض، بحسب رئيس «هيئة الشارقة للكتاب» أحمد العامري، الجهة المنظمة للمعرض، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد دُور النشر المشاركة، تتصدرها دور النشر المصرية، بواقع 276 داراً، تلتها الدُّور الإماراتية بـ150 داراً، ومن بعدها اللبنانية بمشاركة وصلت إلى 122 داراً، مشيراً إلى أن المعرض يشهد هذا العام مشاركة 130 داراً للنشر، وهي دور جديدة من 12 دولة تشارك للمرة الأولى، وهي: الأرجنتين، بلغاريا، أستراليا، كرواتيا، غانا، أوغندا، كينيا، الكاميرون، جنوب أفريقيا، بيرو، أذربيجان وكوريا الجنوبية. ليضم المعرض 1.6 مليون كتاب، منها 80 عنواناً بتأليف جديد، في المعرض الذي تحتضنه «إكسبو الشارقة»، وتحل فيه اليابان «ضيف شرف». كما تحفل الدورة الـ37 من «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، ببرنامج ثقافي متكامل يضم ندوات فكرية وأدبية عديدة، وجلسات حوارية ونقاشية، وأمسيات شعرية، فضلاً عن حفلات تواقيع الكتب، التي تتيح لزوار المعرض فرصة اقتناء أحدث إصدارات الكتاب العرب.

بناء الثقافة

وسعياً منها إلى إطلاع القراء والمثقفين العرب على كنوز الثقافة والمعرفة التي تحفل بها منطقة شرق آسيا، وتكريماً للتجارب الحضارية المتميزة، اختارت «هيئة الشارقة للكتاب»، اليابان «ضيف شرف» الدورة الـ37 للمعرض هذا العام، احتفاءً بإنجازاتها الحضارية المتميزة، التي شكل الكتاب فيها عاملاً ومحركاً رئيسياً في بناء الثقافة وتشكيل الأخلاق الاجتماعية، حيث تمتلك اليابان تاريخاً حافلاً بالمنجزات والأسماء الأدبية والثقافية الكبيرة، على صعيد الرواية والسينما والموسيقى وغيرها، إضافة إلى مكانتها المتميزة في إثراء القطاع الثقافي بالعديد من الأعمال لروائيين يابانيين متميزين، تُرجمت أعمالهم إلى اللغة العربية، أمثال الروائي يوكو ماشيما، كينزو اشيغورو الفائز بجائزة «نوبل» للآداب، هاروكي موراكامي، وغيرهم من الأسماء الثقافية المبدعة. وتشارك اليابان في المعرض ضمن جناح خاص يجسد في تصميمه الملامح الحضارية والثقافية لليابان، حيث سيتم تنظيم العديد من الفعاليات والورش احتفاءً باللقب، إلى جانب عقد العديد من الندوات والحواريات الأدبية والإبداعية المتنوعة لنخبة من الأدباء والفنانين اليابانيين.

منجزات حضارية

وقال أحمد العامري: «معرض الشارقة الدولي للكتاب، حاضنة تجمع الفئات الاجتماعية كافة من شعوب مختلفة، مع الحضور المكثف للمنجزات الحضارية، بهدف إثراء الثقافات المختلفة بأفضل الموجود في كل منها، وصياغة ذاكرة مشتركة للشعوب جوهرها الإبداع والمعرفة، لذا يشكل اختيار اليابان «ضيف شرف» معرض «الشارقة الدولي للكتاب»، إضافة جديدة للمشروع الحضاري للمعرض، الذي يتمثل في استعراض التجارب المتميزة للشعوب، وكيف استطاعت عبر إنتاجها الأدبي والفني تعزيز التناغُم في ثقافتها بين الحداثة والأصالة، وبين المدنية والأخلاق التاريخية». وأكد العامري أن فرادة التجربة اليابانية نتاج علاقتها بالكتاب واحتضانها للكتاب والمبدعين، لذلك جاء اختيار اليابان بهدف تقديم منجزها الحضاري والإنساني للقارئ العربي والإماراتي، إذ لا يمثل الاختيار فرصة للاطلاع على التجربة الإبداعية اليابانية وحسب، بل يُعد جسراً جديداً نحو ثقافة شرق آسيا بكل ما تزخر به من مضامين وتاريخ وتجارب، شكلت إضافة إلى المسيرة الإنسانية بأكملها.

ضيوف عرب

يستضيف «الشارقة للكتاب»، نخبة من الأدباء والمفكرين العرب، الذين يقدمون لجمهور الثقافة والأدب عدداً من الندوات والجلسات النقاشية والحوارية التي تقام ضمن فعاليات المعرض. وتضم قائمة الضيوف كلاً من الوزراء، زكي أنور نسيبة، الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، راشد عبد الله النعيمي، وسفير الدولة لدى الجمهورية الفرنسية عمر غباش، والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، الحائزة «جائزة نجيب محفوظ» لعام 1998، عن روايتها «ذاكرة الجسد»، والروائي والشاعر الفلسطيني الأردني إبراهيم نصر الله، الحائز الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» لعام 2018. كما تجمع القائمة الإعلامي والروائي المصري إبراهيم عيسى، الذي أصدر أكثر من 35 كتاباً في الفن والسياسة والفكر والسيرة الذاتية والقصة والرواية، والكاتب والمصور المصري أحمد مراد، صاحب رواية «الفيل الأزرق»، التي جاءت ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في عام 2014، والروائي والقاص الدكتور الكويتي طالب الرفاعي، الفائز بجائزة الدولة، والجائزة الخاصة لـ«معرض القاهرة للكتاب»، عن مجمل الأعمال القصصية والروائية في عام 2013. ومن أبرز الضيوف أيضاً الأديب والروائي والباحث سلطان العميمي، والممثل والمخرج والأكاديمي الدكتور حبيب غلوم من الإمارات، ومن السعودية كل من الروائي أسامة بن محمد المسلم، والكاتبة والإعلامية والمنتجة مريم الغامدي، والناقدة والأكاديمية الدكتورة ميساء زهدي الخواجا.

ضيوف عالميون

كما يستضيف المعرض، نخبة من أبرز الكتاب والروائيين العالميين، وأصحاب المدونات الإلكترونية، ومشاهير «اليوتيوب»، الذين يلتقون متابعيهم ومعجبيهم وعشاق الكتب على حد سواء. ويشارك في فعاليات المعرض من المملكة المتحدة الكاتبة إيمّا جانون، وعالم الفيزياء الأميركي الدكتور ليونارد ملودينو، والكندية من أصول هندية ليلي سينغ، إحدى شهيرات قناة «اليوتيوب»، ومن نيجيريا يشارك أوكيتشوكوو أوفيلي، المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لموقع OkadaBooks.com. ويطل الكاتب إيه جيه فين على جمهور المعرض، وهو متصدر قائمة صحيفة «نيويورك تايمز»، لمؤلفي أكثر الكتب مبيعاً، ككتاب «وسيط الحرية»، و«سكاي جاك».

للأطفال.. نصيبهم أيضاً
 
يستضيف «معرض الشارقة للكتاب» خلال أيامه الـ11، 934 فعالية مخصصة للأطفال، بمشاركة 44 ضيفاً من 12 دولة عربية وعالمية، ليقدموا مزيجاً من مختلف الحقول المعرفية والثقافية والترفيهية. وتتضمن قائمة الدول المشاركة كلاً من: دولة الإمارات، اليابان، بيلاروسيا، أوكرانيا، الكويت، المملكة المتحدة، الأردن، وسوريا، إيطاليا، أستراليا، سنغافورة ولبنان. حيث سيكون الجمهور على موعد مع مجموعة من العروض المسرحية المستوحاة من مختلف القصص الخيالية التي لطالما نالت إعجاب الجماهير، والتي ستقدم على المسرح مصحوبة بالأداء الجيد والإيقاعات الموسيقية، كما سيكون الجمهور على موعد لمشاهدة عرض «أضواء مذهلة»، الذي يمزج بين أساليب فنون الاستعراض، ومهارات التمثيل، والأزياء المتميزة، والتقنيات الحديثة.

نكهات من ثقافات الشعوب

يُثبت «معرض الشارقة للكتاب» أنه يُرضي مختلف الأذواق في العائلة الواحدة، فعدا كونه يقدم شتى صنوف الكتب العلمية والأدبية والمتنوعة في التخصصات كافة، يخصص المعرض ركناً للطهو، حيث ستنظم هذا العام 60 فعالية في الركن، بمشاركة 11 دولة، أبرزها فرنسا، الهند، أستراليا، إيرلندا، المغرب. ويجمع ركن عروض الطبخ محبي الطعام والطهاة وناشري كتب الطبخ، في مكان واحد تحت مظلة المعرض، حيث أثبت الركن شعبية كبيرة لدى الزوار في الدورات السابقة. وقد أظهر العديد من الطهاة الحائزين الجوائز وكبار الشخصيات من جميع أنحاء العالم، حرفتهم على منصة عروض الطبخ. كما ستتاح الفرصة لناشري كتب الطبخ للاستفادة من صخب العرض، وتقديم منشوراتهم في ركن الطعام وأنماط الحياة، بحيث يحصل الزائر على نكهة مختلفة عن ثقافات الشعوب، من خلال عروض حية للطبخ يقدمها مجموعة من أمهر الطهاة في العالم.

وزير الثقافة الجزائري «شخصية العام الثقافية»

اختارت «هيئة الشارقة للكتاب» وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي، «شخصية العام الثقافية» للدورة الـ37 من «معرض الشارقة الدولي للكتاب». وبحسب الهيئة، فإن اختيار ميهوبي يجسّد واحدة من الرؤى التي كرّسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، إذ ظل يؤكد أن المعرض ليس حدثاً سنوياً لدور النشر العربية والعالمية فقط، بل مشروع ثقافي يعنى في واحدة من أولوياته، بتكريم القامات الإبداعية وأصحاب الجهود الكبيرة في الحراك الثقافي العربي وتاريخ منجزه المعرفي. وتحمل سيرة وزير الثقافة الجزائري جهوداً وعلامات واضحة، تركت أثرها على الإعلام والأدب العربي، إضافة إلى مجمل ما قدمه من خدمة لـ«لغة الضاد»، فهو صاحب رسالة معرفية أصيلة، تشهد عليها مؤلفاته وعمله الدؤوب طوال أكثر من أربعة عقود، قدم فيها للمكتبة العربية عشرات المؤلفات الأدبية والفكرية، وتنقل خلالها بين إدارة المؤسسات الإعلامية والثقافية.