تعتبر فاطمة مسعود المنصوري، مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث، إحدى حارسات التراث بالإمارات، بما وثقته مؤلفاتها ومن خلال جهودها في المركز، إذ تفتح كوة للتفاعل المستمر بين الباحثين والمثقفين في مجال الحفاظ على الهوية وتعزيز الحوار بين الثقافات، توقفنا في محطاتها وقلبنا معها بعض الأوراق بين الشأنين العام والخاص.

عن مهام ونشاطات مركز زايد للدراسات التابع لنادي تراث الإمارات والذي أنشئ بقرار من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات (1999)، تقول المنصوري: «منذ تأسيس المركز حرصنا على خدمة التراث الإماراتي بإجراء البحوث والدراسات ونشر الكتب عنه، وافتتاح المعارض المتخصصة بعرض مقتنيات وحياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، قدوتنا في حب الوطن والقيادة الرشيدة والقيم النبيلة والحكمة السديدة». تضيف شارحة: «صار المركز قبلة للسياح والمهتمين بتراث الإمارات، وخاصة تلك الفئة الشبابية التي يستهدفها المركز الذي أصبح ملاذاً للوطنية والهوية الإماراتية».

توثيق ورؤية

فيما يخص رؤية المركز في جعل التراث همّاً لكل المثقفين، تؤكد المنصوري: «للمركز حضور فاعل في جميع الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي تقام في الدولة، والحراك الثقافي الذي يحدثه يجعل منه رمزاً له دلالته المعرفية في صميم المجتمع الإماراتي». تضيف بالقول: «نتقاسم مع بقية المراكز الأخرى همّ التحريك الثقافي والاجتماعي وإثراء الحياة في وطننا الإمارات». مؤكدة أن مركز زايد هو أحد صناع المشهد الثقافي على مستوى الدولة بقولها: «منطلقاً من نقطة الشراكة والتعاون مع المؤسسات المعنية بالتراث والثقافة، يتفاعل المركز مع جميع المراكز الثقافية والبحثية، ونعتبر أنفسنا مواكبين لجميع الحركات الثقافية الموجودة في الإمارات ومتابعين، ولا نغرد خارج السرب».
وتلفت المنصوري إلى إيجابيات توثيق التراث والآثار في تعزيز الهوية الوطنية بالقول: «يمثل التراث لنا نبع الهوية الوطنية وحصنها المنيع ضد محاولات الاستلاب الثقافي، فمتى ما ربطنا هويتنا بأسباب الحياة والتي هي موروثنا الثقافي، فإننا بذلك نتحصل على شخصية إماراتية متوازنة وواثقة بنفسها وإيجابية في أفعالها وردود أفعالها وذات أطر مرجعية تراثية تشتمل على كل القيم الأخلاقية الفاضلة والنبيلة».

قاموس مهم

فيما يتعلق بأهم البحوث التي أشرف عليها المركز، تضع المنصوري مشروع اللهجة المحلية وحفظها على قائمة المواضيع التي سبق أن تفرد بها، تبين قائلة: «كان هناك هاجس وخوف عليها من الاندثار فقام المركز بدعم من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، بحشد عدد كبير من الباحثين لوضع قاموس للهجة المحلية الإماراتية ليكون أول عمل ضخم له، استغرق المشروع قرابة سبع سنوات جمعاً وتوثيقاً ومراجعة وإخراجاً، واليوم هذا المعجم متوافر وقبلة لكثير من الدارسين والباحثين، كذلك كان المركز سباقاً لطرح فكرة الحفاظ على آثار الإمارات».
تواصل حديثها: «أصدر المركز كتاباً فريداً عن آثار الإمارات باللغتين العربية والإنجليزية ليكون مرجعاً للمهتمين، كما أن المركز لم يغفل عن فكرة ارتباط دولة الإمارات بالتراث العربي فسار نحو إحياء كثير منه، حيث حقق كثيراً من المخطوطات منها «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار»، وتعد من الموسوعات المهمة لتاريخ البلدان العربية والإسلامية ولا غنى للباحثين عنها».

تفعيل وتأهيل

وعن بصمة المركز في تأهيل باحثين مواطنين، تبين المنصوري بالقول: «من أولوياتنا تفعيل العنصر المواطن وتأهيل الباحثين القادرين على الاضطلاع بمهمة البحث والتأليف، ويفتخر خلال فترة تأسيسه إلى اليوم بأنه خرّج نخبة من الباحثين على مستوى دولة الإمارات أثروا المكتبة بالعديد من المؤلفات في مجال تاريخ دولة الإمارات».
وتعرج المنصوري على مسيرتها بالقول: «اهتمامي بالتوثيق نابع من إيماني بأن التراث والتاريخ يشكلان هوية الإنسان وتماسكه النفسي والاجتماعي، لذلك رغبت في تعريف الأجيال القادمة بالكنوز التراثية والتاريخية التي يملكونها وكذلك ليعرف كل الناس أن نهضة الإمارات لم تبدأ مع اكتشاف البترول».