بتّ في الأربعين؟ يا إلهي، كم يركض الوقت بسرعة! حان دورك لخضوعك لأول صورة «ماموجرام» للثدي، القادرة على التقاط أي إشارات خبيثة قبل أن تتمادى.
صورة الـ«ماموجرام» باتت لازمة في كل حملة توعويّة ضد «سرطان الثدي»، تتبعها عبارة: «الكشف المبكر يُنقذ حياتك». فهل صحيح أن صورة الـ«ماموجرام» قادرة على إنقاذ بنات حوّاء المهددات بالإصابة بـ«سرطان الثدي»؟

ثمة أطباء يؤيّدون البدء بها قبل سن الـ40 بقليل، والاستمرار في إجرائها حتى سن الـ80. إذاً هي 40 عاماً من عمر المرأة تبقى فيها مُعرّضة للإصابة. لكن ثمة نساء كثيرات يخشين آلاماً سببها صورة الـ«ماموجرام»، وأخريات يخشين الذبذبات التي تبثها، وهناك من يعتبرن الفحص الذاتي كافياً. وفي التفاصيل، أن الجينة المسؤولة عن «سرطان الثدي» تزيد بعد انقطاع الطمث وزيادة الوزن.

فحص إشعاعي

الـ«ماموجرام» فحص إشعاعي خاص للكشف عن أورام وعلل الثدي، التي لا يمكن كشفها أبداً بالفحص السريري ولا بالفحص الذاتي أحياناً. ويسمح هذا الفحص باكتشاف «سرطان الثدي» في مراحله الأولى، وتشعر نساء كثيرات بالخوف والقلق عند إجرائه لسببين: الأول، خوفهن من أن تأتي النتيجة إيجابية عن وجود ورم سرطاني في الثدي. والثاني، تناقلهنّ معلومات عن آلام مبرّحة قد ترافق هذه الصورة نتيجة الكبس بقوة على الثدي. تَمهّلن، هذه التقنية تطورت كثيراً خلال الـ53 عاماً، وتحديداً منذ البدء باستخدام أول آلة «ماموجرام» إشعاعيّة لتصوير الثدي سنة 1965، وانخفض كثيراً معدل الإشعاعات التي تبثها، وباتت نتائجها دقيقة للغاية بإعطائها صورة نقيّة وشفافة.

الموعد المثالي

يُفترض إجراء الصورة الإشعاعية في الأيام العشر الأولى التي تلي «الدورة الشهرية»، وذلك بعد أن يكون الماء المخزّن في الجسم قد خرج منه. وتتم عملية الفحص وقوفاً بعد وضع الصدر على جهاز التصوير ويُكبَس عليه بآلة بلاستيكية، وهذه الكبسة تساعد على تخفيف كمية الإشعاعات. صحيح أن بعض النساء يشعرن بالألم هنا، لكنه خفيف، لذا لا تتذرّعن به كي لا تُجرين الفحص. على كل حال، كان يُصار قبل أقل من عقد من الزمن، إلى أخذ صورتين على الأقل لكل ثدي في وضعَيْن مختلفين، ويتضمن هذا التصوير في الأغلب فحص الثدي بالـ«موجات فوق الصوتية»، وتكون قراءة هذه الصورة مزدوجة، فيقرأها طبيب أول ويُعطي رأيه بها، ثم تُحوّل إلى طبيب ثانٍ ويعطي رأيه بها، من دون أن يكون على معرفة بالرأي الأول كي لا يتأثر به. وفي حال تطابُق الآراء يُعمل بها، وفي حال لم يُحوّل الملف إلى لجان خاصة لدراسته، فإن التقنيات الجديدة أصبحت تحقق نتائج باهرة مُعتمدة على التصوير الرقمي للثدي، الذي له القدرة على رصد السرطان بدقة متناهية من دون الضغط بقوة على الثدي.

الدقة في التشخيص

قديماً، زمن أمهاتنا، كان الخطأ في التشخيص عبر صورة الـ«ماموجرام» يبقى قائماً، لأن الورم قادر على الاختباء في النسيج الحشوي للثدي أيامها، فكان يُعطي نتائج سلبية خاطئة، كما أن فصل الأنسجة الطبيعية عبر الكبس القوي على الثدي، كان يُقدم صورة مزيّفة وإنذارات خاطئة أحياناً. و«الماموجرام» سابقاً، كان يفشل في كشف حالة من كل خمس حالات «سرطان ثدي». أمّا الآن ومع نظام «تصوير الثدي الرقمي»، تبدّلت المعادلة كثيراً، خصوصاً أن هذا النظام يعمل وفق التقنية ثلاثية الأبعاد، التي تقوم بدراسة الثدي من دون الإفراط في استخدام الأشعة، مع هامش خطأ شبه موجود.

أشعة أقل

لا تجعلن الخوف من الأشعة المنبعثة من الـ«ماموجرام» تُثنيكنّ عن إجراء الفحص السنوي. واعلمن أن الإشعاعات التي تُبث في أجسامنا إبّان رحلة في الطائرة بين باريس ونيويورك، تعادل الأشعة التي نحصل عليها حين نخضع لصورة الـ«ماموجرام».
يستغرق تصوير الثدي الإشعاعي نحو 15 دقيقة، فإذا لوحظ وجـــــود ورم أو تكلســـات في الثدي، يُطلب من أجل تشخيص أدق إجراء صورة مغناطيسية، أما التشخيص النسيجي فيجري عبر «خَزْعة» تخضع لفحص «باثولوجي»، أي الزرع.

قبل سن الأربعين

يُنصح قبل سن الـ40 بأن تكون كل أنثى على دراية تامة بقوامها. لهذا يُفترض أن تقوم بنفسها بفحص دوري شهري بعد أيام من انتهاء الدورة الشهرية، والتنبّه من هذه الإشارات التحذيرية: وجود كتلة ما في الثدي غير مؤلمة. حصول إفرازات صفراء من الحلمة أو إفرازات مجبولة بالدم. تغيّر لون الحلمة والجلد حول الحلمة، وظهور تشققات أو انكماش فيها، أو حدوث تورمات في الغدد اللمفاوية تحت الإبط.

لكل مرحلة علاج

يكون العلاج في الحالات المبكرة، أي في الحالتين الأولى والثانية من تطور الخبيث، عبر جراحة جزئية مع استئصال كل الورم، ويتبع هذا الإجراء علاج أشعة. ويُحبّذ في حالات محددة أن يكون الاستئصال كاملاً، مع احتمال إجراء جراحة تجميلية فورية أو بعد سنة. ويُصار إلى فحص العقدة الأولى تحت الإبط والمسماة «العقدة الحارسة»، فإذا كانت سليمة فلا ضرورة لاستئصال كل العقد اللمفاوية. ويُنصح أحياناً بإجراء علاجات كيميائية لتصغير حجم الورم قبل الجراحة لتقليص ارتداداتها. كما توصف مضادات هرمونية قبل الجراحة للنساء اللواتي خضعن لمتلقيات هرمونية بنسب عالية. وهناك مثل يقول: «بين تشرين (أكتوبر) وتشرين (نوفمبر) صيف آخر». نحن في أكتوبر.. فلتبقَ الشمس ساطعة في حياتكم.