لم تبهرني يوماً عربات الخيل الذهبيّة، ولا آمنت بقصص الأطفال الخرافية، وبساحرة طيبة تهدي الصبايا الأحلام الورديّة، لعمر سهرة، يراقصن فيها أميراً وسيماً، سيحزن كثيراً حين تنتهي رقصة الأحلام، لأن حسناءه وهي تغادر القصر، ما تركت خلفها سوى فردة حذاء.
انتهى زمن سندريلا مذ لم يعد الرجال ينتبهون إلى أقدام النساء، بل لأجسادهن. ولذا، كفّت الجدات عن سرد قصة سندريلا لحفيداتهن.
انتهى معي زمن الخرافات، يوم انتعلتُ حذائي الأخير، كما تنتعل نساء الصين أحذيتهن الأولى، قوالب ضيقة تتقلص فيها الأقدام كلّما تقزّمت الأحلام. ورحت أمشي على طرقات عبَّدَتها النساء قبلي بالخيبات.
ما حسدتُ يوماً إيميلدا ماركوس على خزائنها الملأى بأربعة آلاف زوج من الأحذية. فقد كانت تحكم الفليبين من فوق كعب حذائها بقلب فارغ. لم أغبط سوى سندريلا، وحدها حكمت قلب رجل وهي حافية القدمين.
مثلها، نسيت معك أن أراقب عقارب الساعة، وعدت من ذلك الحفل منتعلةً قلبي.
لم تكن الساعة منتصف الليل، ولم أتجاوز الحلم بدقيقة، بل تجاوزت الواقع بحلم.
عقارب القلب كانت تشير إليك. الحزن الآتي بك عندي، والحب الآخذ بي إليك. في لهفة القلب المسرع نحوك، كنت أسأل عن تلك الجنيّة التي قرأت عنها، عساها تحرسنا من طيش الليل، وتنحني كي ترفع تلابيب أحلامي من الأرض، قبل أن أقع متعثرة بنظرك.
أواه يا سيدتي الجنيّة، وُلدت هكذا بفائض أحلام. امرأة عاشقة تفضحها الأقدام.. فلا تهتمي كثيراً بتغيير تسريحتي، واستنساخ أفخر الأثواب لثوب سهرتي، فقط أهدني نسخاً عدة من قلبي، كي لا أشقى بلهفتي.
أهدني قلباً لكل نظرة، وحذاءً لكل سهرة. أهدني أحذية إيميلدا ماركوس جميعها. وامنحيها عني جزر الفليبين، وما شاءت من الأحلام الغبيّة.
دعي لغيري هودجك وعربتك الذهبيّة، ودعيني أهدِ حذائي الصغير كل مرة، وأعد حافية مشققة القدمين، أضحك من تيه رجل يبحث بين أقدام النساء، مستجوباً حذائي كي يشي له برقم هاتفي وبريد قلبي.
في حضرة الرجولة أقف حافية القدمين. فأدركيني بحذاء أيتها الجنيّة الطيّبة. أخاف من منتصف الليل حين تدق ساعة الحقيقة، حين تسيل المساحيق ويمضي العشاق كلٌّ في طريق.
أخاف من منتصف العشق ومن منتصف الأشواق.
أخاف من دقات الساعة الفاصلة بين يومين، ودقات القلب الفاصلة بين حبين، ودقات القدر المفاجئة لحبيبين.
أخاف من الطرقات التي كأنني ما مشيتها، لأنني عبرتها بحذائي لا بلهفتي. وتلك التي كنت أصرّ على أن يمشيها قلبي حافياً.. فأدمتني.
أخاف من أرصفة تعوّدت على وقع خطاي، وأخرى اعتادت جرح قدمَيّ.
أيتها النساء، المنتظرات بكل تفاصيلكن الباذخة، أن ينحني رجل ليضع أقدامكن فائقة الصيانة، في حذاء سندريلا، ويعلن لأقدامكن الولاء.
ليس من مقاسكن هذا الحذاء. إنه حذاء لي وللأقدام العاشقة المشققة!