مفهوم السعادة مفهوم واسع جداً، وكلمة السعادة ملتبسة بمعناها الفضفاض، حتى نظنها قريبة جداً منا، ونظنها أبعد ما تكون عنا، وبين بعدها وقربها تربض السعادة بانتظار الإنسان المقبل عليها.
والسعادة هي غاية الإنسان في الحياة، فكل إنسان يتمنى أن يعيش سعيداً، فهي حلم الفتاة والشاب والأم والأب، وأصبحت استراتيجية بعض الدول في العالم ومنها دولة الإمارات، حيث جعلت للسعادة وزارة، مهمتها إسعاد المواطنين والمقيمين على أرضها.
وعلى الرغم من الفهم المباشر بربط السعادة بالمال، وهو ربط صائب بكل المقاييس، إلا أن هناك من يتحدث بشكل عفوي بخلاف ذلك، حتى إن مقولة إن الأغنياء ليسوا سعداء، أصبحت كلمة يروج لها الكثير، ولا أعتقد بأنها وليدة مخيلة فقير، بقدر ما هي وليدة مخيال غني، أراد أن يشبع شعور الفقير بما يرضيه، كما هو الحال بمقولة القناعة كنز لا يفنى.
يعيش الغني سعيداً طوال عمره، يسافر حيث يشاء ويقتني ما يشاء وما إن نسمع عنه بأنه أصبح مريضاً، حتى تجد من يربط الغنى بالمرض، وكأن الفقير لا يمرض، ويربط الغنى بالتعاسة لأنه لا يستطيع أن يمن على نفسه بالصحة في حالة المرض، وكأن الفقير يتشافى بالعوز والحاجة.
يمرض الغني ويمرض الفقير، يحزن الغني لخبر مفجع، ويحزن الفقير كذلك لمرض مفجع، ويسعد الغني لأمر ما، ويسعد الفقير كذلك، فلا السعادة حكر على حالة اقتصادية، ولا الحزن والتعاسة مقتصرة على الحالة المادية للإنسان.
وهناك خلط بين السعادة والفرح، وتعريفي الخاص بأن السعادة أمر فيه الكثير من الصعوبة، يمكن للغني أن يحققه أكثر من الفقير، وهو أن السعادة مجموعة من الأفراح المتراكمة تشكل حالة سعادة عند الإنسان، فنجاح الطالب بالمدرسة يُفرح الأهل، وأن يكون أحد أفراد الأسرة مريضاً يمنع هذا الفرح بأن يوصل المنزل إلى السعادة، رغم وجود فرحة النجاح، بينما فرح الطالب، والقدرة على شراء الهدية التي يريدها، والسفر بعد هذا النجاح، مع حصول الأب على ترقية، تشكل مجموعة الأفراح المتوالية حالة من السعادة، ولكنها تبقى مؤقتة، حيث إنه لا حزن دائم ولا سعادة دائمة، وهذه من سنن الحياة.
فالغني يبحث عن السعادة في مشوار حياته، والفقير يبحث كذلك وإن اختلفت آلية البحث عند كل واحد منهما، ولا أجد مكاناً مناسباً لنحشر فيه بعض المقولات التي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، مثل ربط الغنى بالتعاسة كما يحلو للبعض، ولا ربط القناعة بالسعادة، ولا ربط المال مباشرة بالسعادة، فهناك رجل سعيد وهناك امرأة سعيدة، وهناك طفل دائماً يعيش بسعادة يحسده عليها الكبار، فأنت سعيد ولا تلتفت إلى ما عندي من مال، ولا تنظر إلى رصيدي في البنك، هناك سعادة لها في صدور البعض مكان.

شعر

عُدْتُ الغريبَ على مرافئ وحدتي       رَحَلتْ بنا سُنَنُ الحياةْ

أتذكرُ الصورَ التي مَرَّتْ                رحَلتْ وعدتُ لغربتي

وبعضَ حكايةٍ في رحلتي               الحرفُ جاري والمدادْ

أتذكرُ السحبَ التي عَبَرَتْ              يُمْلي عليَّ سعادتي

وأمطرتِ السعادةَ في قفارِ مسيرَتي     وإذا نشرتُ قصيدةً

وأقولُ أين أحبتي                      كلٌّ يقولُ قصيدتي