هو في الصفات خبيث، وفي الشكل ورم، وفي التأثير خطير. هذا ما نعرفه عنه. لكن ماذا عما لا نعرفه عنه؟ ماذا عن جديد الأبحاث حول سرطان الثدي؟ وهل من إجراءات استباقية تُطمئن؟

تنشط الأبحاث من أجل التدقيق أكثر في أسباب الإصابة بسرطان الثدي وإمكانية الحدّ منها وإيجاد علاجات هادفة أكثر. وفي جديد الدراسات، البحث في تأثير نمط الحياة والجينات الموروثة والعادات في زيادة خطر الإصابة، وتأثير التمارين الرياضية أو عدمها وزيادة الوزن أو خسارته وطبيعة النظام الغذائي. وهناك دراسات أخرى حول أهمية المتغيرات الجينية الشائعة ومدى تأثيرها في حدوث سرطان الثدي. في المقابل، يواصل الباحثون التفتيش عن علاجات قد تساعد على تقليل مخاطر الإصابة بسرطان الثدي وخصوصاً لدى النساء اللواتي يتعرضنّ لمخاطر عالية. وقد استخدمت طوال أعوام كثيرة علاجات محددة في حين أظهرت الدراسات الجديدة، وجود أدوية مختلفة تسمى «مثبطات الأروماتاز» فعالة جداً في الوقاية من سرطان الثدي وتعمل على خفض كمية الأستروجين في الجسم، ما يحرم خلايا سرطان الثدي من الهرمونات التي تحتاج إليها لتنمو وتنتشر.

أبحاثٌ متواصلة

تبحث الدراسات السريرية أيضاً في الأدوية غير الهرمونية للحدّ من سرطان الثدي، وتشمل أدوية هشاشة العظام ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية وعقاقير الستاتين التي تستخدم عادة في تخفيض الكوليسترول. وكلنا نعلم أن سرطان الثدي ينتشر غالباً ويتمدد إلى العظام، وهذه الأدوية تساعد على الحد من انتشار السرطان في العظام وتقلل فرص عودة السرطان. ودلت الدراسات على أن النساء بعد انقطاع الطمث يستفدنّ أكثر من سواهن من هذه العقاقير المعدلة للعظام بعد جراحة الثدي. ويهم أن تعرفن هنا أن النتائج ليست نهائية بعد وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيدها.

الأكثر شيوعاً

تكون الخلايا غير الطبيعية في سرطان الأقنية، وهو الأكثر شيوعاً بين أنواع سرطانات الثدي، في قناة الحليب. وهذه الخلايا تنمو أحياناً خارج هذه الأقنية وتنتشر في العقد اللمفاوية وقد تبقى داخلها. لذا كان لا بُدّ من تكثيف الدراسات لمعرفة كيفية الحؤول دون تطور الخبيث في الحالتين، ووجد الباحثون أن الخلايا السرطانية عند بعض النساء المصابات بسرطان الثدي، قد تنفصل عن الورم وتدخل الدم واكتشفوا إمكانية أن تساعد بعض الاختبارات في التنبؤ بحالات سرطان الثدي الذي قد يتطور وينتشر خارج الثدي.

جديد العلاجات

اكتشفنا، عرفنا، حللنا، تأكدنا. لكن ماذا عن الخطوة التالية؟ ماذا عن جديد علاجات سرطان الثدي؟
ليس جديداً القول إن العلاج الكيميائي يمكن أن يكون مفيداً في حالات كثيرة من سرطان الثدي. لكن الدراسات حول هذه النقطة تتركز حول طبيعة الحالة التي قد تستفيد أكثر من سواها، أو أقل من سواها، منه. وتتأتى في حالات عدة آثار جانبية كبيرة عن العلاج الكيميائي، لذا فإن الدراسات تتركز حول تحديد الحالات التي تحتاج فعلياً إلى العلاج الكيميائي بدقة ومدى استفادتها منه.

سرطان ثلاثي سلبي

سرطان الثدي الثلاثي السلبي الذي لا يمكن مداواته بالعلاج الهرموني والعلاج الموجه يُداوى بالعلاج الكيميائي الذي لا يُحقق بدوره نتائج فعالة. وتم الكشف مؤخراً عن أدوية تخدم هذه الحالة بينها مثبطات الكيناز إما وحدها أو من خلال توليفة مع العلاج الكيميائي وتعطي نتائج أفضل. وفي التفاصيل، أثبتت الأبحاث أن تثبيط عمل بروتين «تاك 1» يسهم في منع انتشار سرطان الثدي الثلاثي السلبي ويوقف انتقاله إلى الرئتين. يُذكر أن سرطان الثدي الثلاثي السلبي هو الأكثر خطورة بين سرطانات الثدي والأكثر فتكاً بالسيدات.
من جهة أخرى، ظهرت مؤخراً العلاجات المستهدفة وهي مجموعة من الأدوية تستهدف التغيرات الجينية في الخلايا السرطانية التي تساعد الخلايا على النمو أو الانتشار. أما العلاج المناعي فهو شكل من أشكال علاج السرطان معززاً نظام المناعة في الجسم في مكافحة الأورام، عبر تقوية نوع معين من الخلايا المناعية «التائية». ويقوم اختصاصيو الرعاية الصحية بجمع هذه الخلايا من الورم الخبيث وعزل الخلايا المناعية الأكثر عدائية ضد السرطان. ويقومون بزرع هذه الخلايا في المختبر ثم يعيدون إدخالها في جسم المريضة عبر الوريد.

الفحص الذاتي

الأبحاث تتتابع في موضوع سرطان الثدي، والآمال في النجاة تزيد وبنوعية حياة أفضل تكبر. ويبقى على الأنثى التي تشعر بتغيّر ما، أو بشيء ما في ثدييها، ضرورة استشارة طبيبها لمعرفة إذا ما كانت تغيرات طبيعية ناتجة عن تغيرات هرمونية، أو أن هناك ورماً يفترض تحديد طبيعته. أمرٌ آخر تُنصح به كل أنثى وهو وجوب أن تقوم بفحص ذاتي لثدييها مرة واحدة في الشهر، في اليوم السابع بعد الدورة الشهرية، حين يكون الثدي أقل تحجراً. أما بالنسبة إلى النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل فيُنصحن بإجراء الفحص الذاتي للثدي في اليوم الأول الذي يبدأن فيه بتناول علبة جديدة من حبوب منع الحمل. أما من دخلن مرحلة انقطاع الطمث فليخترن يوماً محدداً، مثل أول الشهر أو نصفه أو حتى آخره، وليعتمدنه موعداً شهرياً لإجراء الفحص الذاتي للثدي.
سرطان الثدي.. يبقى خبيثاً حتى ولو تزين بلونه الزهري، لذا ممنوع التهاون معه في كل مراحل العمر ومواجهته تكون بالمعرفة عنه، وعن آخر الأبحاث فيه والعلاجات الجديدة، أكثر.