قبل أيام، توقّف «فيسبوك» ومجموعته «واتساب» و«انستغرام» وتطبيق المحادثة «ماسنجر» تسعين دقيقة عن العمل في الولايات المتحدة والهند وأجزاء عديدة من الشرق الأوسط وأوروبا، ويصل مجموع مستخدميها إلى نحو أربعة مليارات شخص حول العالم.
هذا يعني أنّ أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، المقدر بحوالي 7.5 مليار نسمة، يعبرون باستمرار من بوابات «فيسبوك» الأربع التي تسيطر على التواصل الاجتماعي في العالم، وكثير منهم يمتلك حسابات فيها، عدا عن «غوغل» و«تويتر» و«سناب شات»، وغيرها، ما يعني أن هذا التشبيك الهائل بين الشعوب والثقافات بات من مظاهر الهيمنة على السلوك الإنساني.
مجموعة «فيسبوك» التي تذرعت بمشكلة تقنية، اكتفت بـ«الاعتذار» لزبائنها، فهي لا تقدم خدمات مجانية لمجرد مستخدمين، إذا ما عرفنا أن إيراداتها الإعلانية بلغت حوالي 7.8 مليار دولار في الربع الأول فقط من العام الماضي، كما أن سيطرتها على البيانات الشخصية لأربعة مليارات شخص، يتيح لها مزيداً من العوائد التجارية كل يوم.
الأعطال في تكنولوجيا الاتصال لتسعين دقيقة لا تسبب «إزعاجاً» لمليارات البشر. الأرجح أنها تضر بمصالحهم الشخصية والتجارية، في ظل استفادة ملايين الأعمال الكبيرة والصغيرة من منصات «فيسبوك» المتضرر أيضاً من غيابه عن هواتف الزبائن المفترضين.
السؤال. هل كنا نعيش خارج الزمن والحداثة، قبل أن يفتح مارك زوكربيرغ الكتاب الأزرق «فيسبوك» في 2004؟
كثيرون منا يتذكرون أن تكنولوجيا الاتصال كانت في أوج صعودها قبل 14 عاماً. وكنا نستدل على الطرق والعناوين، دون نظام «جي بي أس» لتحديد المواقع، وكانت الهواتف الذكية في بداياتها، والمعاملات التقنية كذلك، والآن كلنا نرتبك من ضعف الشبكة، ومن بطء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وفي العالم الآن عيادات لمعالجة مدمني الإنترنت.
الواقع أن منطق الاستهلاك هو الذي حوّل الحياة إلى منصة رقمية على هاتف صغير، وإلى احتياج أساسي، ينافس الطعام والشراب والمسكن، ويحتكر السلوك والمزاج الإنساني، بحيث لا يمكن الاستغناء عنه، مع أننا ربما كنا أكثر إنتاجاً وسعادة، وأقل كآبة وعزلة قبل الفيديو والتغريد والتدوين.

ضوء
الشركات التي تستثمر في التواصل الاجتماعي لا ترى فينا أكثر من أهداف تجارية محتملة، وهي «تأسف على إزعاجنا» حين نفقدها. فهل نحن قادرون على ألا نكون مجرد زبائن؟!