«العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها، والجهل يهدم بيوت العز والكرم».. وعلى الرغم من أن هناك فرقاً كبيراً بين الشخص الـ«أميّ» والشخص الـ«جاهل»، فالأول هو من لا يعرف أن يقرأ، والثاني هو من لا يريد أن يقرأ، ولكن تبقى الأمية نوعاً من الجهل الذي تحاربه كل دول العالم وتنفق على مكافحته ما يزيد على تريليون دولار سنوياً، وعلى الرغم من تذكير العالم سنوياً بأهمية وضرورة مكافحة الأمية من خلال تخصيص الأمم المتحدة ليوم «مكافحة الأمية»، لا تزال آفَة الأمية تعصف بالعالم، وخاصة عالمنا العربي، وتؤكد إحصاءات منظمة اليونيسكو أن نسبة الأمية لا تزال مرتفعة، حيث إن واحداً من كل خمسة أشخاص بالغين يعانون الأمية، أي ما تصل نسبته إلى 19% ممّن هم فوق الـ15 عاماً.

 

الشعار في 2018:
«
محو الأمية وتنمية المهارات»

يحتفل العالم أجمع باليوم الدولي لمحو الأمية لهذا العام، تحت شعار «محو الأمية وتنمية المهارات». بحسب اليونيسكو، التي اعتبرت أن الاحتفال هذا العام يهدف إلى استكشاف وإبراز المناهج المتكاملة التي يمكن الاستعانة بها، لدعم الجهود الرامية لتطوير مجال محو الأمية وتنمية المهارات، وبالتالي الإسهام في تحسين ظروف الناس المعيشية، والسعي نحو بناء مجتمعات منصفة ومستدامة.

يُعتبر عدم الالتحاق بالتعليم والانقطاع المبكّر عن الدراسة، السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة الأميّة واستفحالها، علماً بأنّ بين 7 و20 % من الأطفال الملتحقين بالتعليم في المنطقة العربية يتسرّبون منه خلال مرحلة التعليم الابتدائي، وتتجاوز هذه النسبة في بعض الدول 30%، وتُقدّر النسبة العامة للأميّة في مجموع الدول العربية بنحو 21 % من إجمالي عدد السكان، مع الإشارة إلى ما تعرفه المنطقة العربية من تفاوت كبير في حجم هذه الظاهرة، حيث يُقدّر الفارق بين أعلى النسب وأدناها بنحو 58.5 نقطة.

 13.5
مليون طفل عربي

نشرت المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) تزامُناً مع اليوم العربي لمحو الأمّية، مطلع عام 2018 تقريرها السنوي الذي جاء فيه: «رغم ما بذلته الدول العربية من جهود كبيرة، وما نفّذته من مشاريع وبرامج وحملات وطنية طوال الفترة الماضية، فإن الأمّية لا تزال تُمثّل واحدة من أولى قضايا الأمن القومي العربي». ولئن كانت البيانات تشير إلى انخفاض تدريجي لنسب الأمية التي مرّت من 73% في صفوف الفئة العمرية «15 سنة فأكثر» عام 1970 إلى 48.8% عام 1990 وإلى 38.8% عام 2000، فإنّ إحصاءات مرصد (ألكسو) توضح أن مُعدّل الأمية في الدول العربية يبلغ حالياً  21% مُقارنةً بـ13.6% كمتوسّط عالمي، وهو معدل مُرشّح لمزيد الارتفاع في ظل الأوضاع التعليميّة التي تعانيها بعض الدول العربية بسبب ما تشهده من أزمات ونزاعات مسلّحة، نتج عنها حتى الآن عدم التحاق قُرابة 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي بين مُتسرّبين وغير مُلتحقين.
كما تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الأمية لدى الذكور في العالم العربي في حدود 14.6% بينما ترتفع لدى الإناث إلى25.9%، وتتراوح نسبة الإناث الأمّيات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80%، وتعود هذه النّسبة التي تُعدّ الأعلى عالمياً لعوامل مُرَكّبة يتداخل فيها الثقافي (التقاليد والأعراف) مع الاجتماعي (الزواج المبكر والتفكك الأسري والطلاق) والاقتصادي (الفقر والبطالة والمستوى التعليمي لأولياء الأمور والمحيط عموماً).

قفزات هائلة في تعليم الكبار بالسعودية

في المملكة العربية السعودية، أكد وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، أن المملكة حققت إنجازات في تعليم الكبار ومحو الأمية، وتجاوزتها إلى مفاهيم الاستدامة والتعلم مدى الحياة، وقال في تغريدة، عبر حسابه في «تويتر»: «حققت المملكة قفزات هائلة في تعليم الكبار ومحو الأمية، وتجاوزتها إلى مفاهيم الاستدامة والتعلم مدى الحياة، ونحتفي بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية، ونعمل لتحقيق رؤية العقد العربي للقضاء على أمية العالم العربي بنهاية عام 2024».
وأوضح المدير العام للتعليم في منطقة الرياض حمد الوهيبي، أن عدد مراكز محو الأمية التابعة لتعليم الرياض تبلغ 96 مركزاً و123 مدرسة يدرس فيها 13 ألف طالب وطالبة، مُبيّناً أنه تم تكثيف التوعية لبرامج محو الأمية وتوضيح أهمية العلم.

تطور ملحوظ في الكويت

لم تَتوانَ دولة الكويت عن دعم التنمية في مجال التعليم، حيث اعتبرت التعليم أساس التطور والبناء منذ نشأتها. وقد بذلت الحكومة الكويتية جُهوداً جبّارة في سبيل القضاء على ظاهرة الأمية، فسَنّت العديد من القرارات والقوانين التي تَصبّ في هذا الاتجاه.
وبفضل سياسة دولة الكويت التعليمية، أصبحت من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي حققت نجاحات ملحوظة للقضاء على ظاهرة الأمية، وتحديداً عقب إقرار قانون التعليم الإلزامي. كما تشير الإحصاءات الرسمية والصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية لعام 2017/‏2016 إلى تطور ملحوظ في القضاء على الأمية في دولة الكويت، نسبة إلى ما هو موجود في عالمنا العربي.
ويقول مبارك الميع، الحاصل على شهادة الماجستير والاختصاصي في الإعلام، والذي يشغل وظيفة إشرافية في وزارة التربية الكويتية، «إن دولة الكويت جعلت من سياسة محو الأمية هدفاً لها منذ تأسيسها، ووصلت إلى مستويات قياسية في إنشاء مراكز تعليم الكبار والقضاء على الأمية».
ويضيف: «إلّا أن هناك فرقاً كبيراً بين تعليم القراءة والكتابة وبين الجهل ونشر الثقافة العامة»، وشدّد الميع على ضرورة أن يزيد العالم العربي من جهوده الرامية إلى مكافحة الأمية، والتي أصبحت معدلاتها في ارتفاع مع تدهور الوضع الاقتصادي وتأثيره المباشر في المجتمع العربي، خاصة في مجال التعليم.

الأمية في الإمارات أقل من 1 %

حققت دولة الإمارات العربية المتحدة قفزة نوعية كبيرة في القضاء على الأمية، بحيث وصلت نسبة الأمية إلى أقل من 1%، وفق الإحصاءات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم. وتعود جذور رحلة مكافحة الأمية إلى ما قبل نشوء دولة الإمارات، فحتى عام 1953، كان نظام التعليم بدائياً جداً يعتمد على مجموعة من الرجال والنساء من أبناء الإمارات عُرفوا باسم «المطاوعة»، وتَولّوا عملية نشر التعليم في الأحياء السكنية عبر تعليم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة في البيوت والمساجد. بعدها، سُجّلت محاولات فرديّة لاعتماد نظام تعليم نظامي، إذ ظهرت بعض المدارس، إلا أن كثيراً من تلك المحاولات كان لا يستمر لظروف عديدة. ومع قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، انْصَبّ الاهتمام على بناء المواطن. فتركزت جهود القيادة على التعليم في المجتمع الذي أسهمت ظروف الماضي في ارتفاع نسبة الأمية بين أفراده، وانعكس هذا الاهتمام على محاربة الأمية من خلال تأسيس إدارة خاصة بتعليم الكبار وإنشاء «مراكز تعليم الكبار» التي تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم، فضلاً عن إصدار الحكومة الإماراتية القانون الاتحادي رقم 11 لعام 1972، الذي يُلزم بإرسال الأبناء إلى المدرسة. وبعد 4 عُقود من صدور قانون الزاميّة التعليم، جرى اعتماد قانون اتحادي جديد، ينص على أن التعليم حق لكل مواطن توفّره الدولة مجّاناً في المدارس والمعاهد الحكومية، ويكون إلزاميّاً لكل من أكمَل ست سنوات، ويظل الإلزام قائماً حتى نهاية التعليم أو بلوغ سنّ الـ18 أيّهما أسبَق، لتشمل إلزامية التعليم المراحل كافّة حتى المرحلة الثانوية. لم تكتفِ دولة الإمارات بمحو الأمية من خلال إنشاء مراكز تعليم الكبار فقط، بل أرادت النهوض بهذه العملية إلى مستويات أعلى، فأتاحت للراغبين ممّن فاتهم قطار التعليم النظامي، فرصة مُتابعة تعليمهم من خلال تحويل «نظام تعليم الكبار» إلى «برنامج تعليم مستمر متكامل»، يتضمّن أربعة مسارات تشمل «الأكاديمي، والمهني، ومحو الأمية والمنازل»، ما يُكسب المنتسبين مهارات مهنية تمكّنهم لاحقاً من الحصول على وظيفة، وبالتالي الإسهام أكثر في دَفْع عَجَلة التطور والتقدّم في البلاد.

%6
من اللبنانيين أميّون

الوضع في لبنان، استناداً إلى الدراسات والإحصاءات المتتالية منذ عقدين وأكثر، أفضل من سواه بالنسبة إلى عدد من يندرجون تحت خانة «الأمية»، لكن هذا لم يحدّ من سعي الكثيرين ممّن يُمسكون بشؤون «محو الأمية» في وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية في لبنان، من تكثيف النشاط في اتجاه تطبيق القول بالفعل، ما جعل نسبة الأميين تتقلّص في لبنان في زماننا هذا إلى أقل من 6%.
الأمّية كلمة تنزل على صاحبها مثل الماء الساخن، فليس سهلاً بحسب الاختصاصي في الطب النفسي سمير جاموس، وصف أحدهم على مسمعه بالأمّي، فالأمية تصنيف لفرد أنه جاهل وغير قادر على القراءة والكتابة. الأمية تُصنف الشخص على أنه ينتمي إلى أحد المجتمعات النامية الفقيرة، وهذا في حد ذاته يُعزّز القلق والشعور بالمذلّة عند الكثيرين.
حين نتكلم عن الأميين يُفترَض ألّا نُعمّم، فثمّة مَن يملكون كل المقومات الحسنة التي تخوّلهم أن يكونوا مثالاً في الرقيّ، حتى لو لم يكونوا قادرين على فَكّ الحرف. ثمة والدة أمية كانت تُمسك بكتاب أمام أطفالها ليفعلوا مثلها ويمسكوا بكتبهم ويدرسوا، ولم يُدرك هؤلاء الأطفال أن أمهم غير قادرة على فك الحرف إلّا بعد أن كبروا وأصبحوا أطباء وأساتذة.
على كل حال، في علم النفس ليس سهلاً تعليم الكبار، ألا يُقال «التعليم في الصغر كالنّقش في الحجر»، فالكبار يكونون قد أصبحوا أكثر انفعالية ويُكثرون من النقد والربط والتحليل، وهذا ما يجعل مهمة تلقينهم العلوم أصعب، لكن هذا ليس معناه أن العمر يُعوق التعليم.
في الأقضية اللبنانية والمناطق النائية البعيدة عن بيروت، نجد كثيراً من النساء في القرى يندمجن في صفوف محو الأمية. في منطقة شبعا الحدودية نَراهنّ يتحلقنّ لدراسة الإنجليزية بمبادرة من جمعية «هيّا بنا». هناك صفوف لمحو الأمية باللغة الإنجليزية. جميلٌ هذا المشهد، وجميل أن نرى الفرح يُومض في عيون أكثر من خمسة آلاف امرأة من كل الأعمار تعلّمن اللغة وبعضهن كنّ يُصنّفن جاهلات. نتجه إلى مناطق نائية أخرى، فنرى أمهات يدخلن إلى صفوف وأولاد يدخلون إلى صفوف مجاورة بمبادرة من «اليونيسيف» ومنظمات أخرى. ثمة مدارس مجانية افتتحت لهذه الغاية في لبنان لتعليم اللبنانيين وغير اللبنانيين ممّن يُصنفون أميين أو متسرّبين من المدارس. ثمة جمعية اسمها «أنا أقرأ»، أنشئت عام 1994 مهمتها محو أمية الأطفال المحرومين، وظلت بعد ثورة التكنولوجيا والحاسوب والـ«سوشيال ميديا»، وتغيّر مفهوم الأمية ليصبح أكثر شُمولية: «أنا أقرأ وأفكر وأرسم وأكتب وأستنتج وأؤلّف وأحلّل».

ليست مشكلة في فلسطين

أعرب الاختصاصي الاجتماعي وأستاذ علم النفس في «جامعة الأقصى» الدكتور درداح الشاعر، عن رضاه من انخفاض مستوى الأمية عند الشعب الفلسطيني، التي بلغت حسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)3.1% في نهاية عام 2016.
ويقول الشاعر: «الشعب الفلسطيني هو أقل شعوب العالم حاجة إلى محو الأمية، فهو متعلم بامتياز، فيه نسبة الأمية قليلة جداً، لاسيّما أن هناك جهوداً كبيرة لوزارة التربية والتعليم في إطار مساعيها لمحو الأمية». وهو يرى بأن الأمية ليست مشكلة فعليّة في المجتمع الفلسطيني.
وتُظهر بيانات التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2017، أن نسبة الأمية بين الأفراد الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر في فلسطين بلغت 3.3% وتتفاوت هذه النسبة بشكل كبير بين الذكور والإناث، فبلغت بين الذكور1.7%، في حين بلغت بين الإناث 5%.
ويوضح الشاعر بأنّ سبب انخفاض الأمية في المجتمع الفلسطيني، يعود لكونه شعباً يَرْزَح تحت الاحتلال ويؤمن بأن خلاصه لا يكون إلا بالتعلم، لاسيّما أنه أحد الأسلحة لأي مجتمع يتوق إلى الحرية.
ويؤكد أن التعلم هو أفضل الطرق للحياة الكريمة، فهو، كما يقول: «حياة، وهو الذي يبني النفوس والبيوت والعلاقات، وهو أساس المجتمع الناجح والمترابط، وكلما كان المجتمع متعلماً كان أكثر ترابُطاً وإدراكاً ووعياً بمصيره وأهدافه في الحياة وعلاقاته الاجتماعية»

الأردن يكافح الأمية منذ 1953

بدأت فكرة محو الأمية في الأردن في عهد الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، عام 1953، عندما قرّر أن تُفتح في المدارس الحكومية صفوف ليلية لتعليم الكبار، ممّن لم تسمح لهم ظروف حياتهم الماضية وأعمالهم الحاضرة، بالالتحاق بالمدارس النظامية.
وهكذا دخل محو الأمية رسمياً برامج التربية والتعليم لأول مرّة عام 1954، عندما تخرّج أول فَوْج من مبعوثي الأردن إلى المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي من مصر. وفي عام 1980 أصدرت وزارة التربية والتعليم نظاماً خاصاً بتعليم الكبار ومحو الأمية.
ويقول أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتور محمد العكور: «إن الأردن أدرك منذ عقود خطورة هذه المشكلة وما تسببه من عقبات أمام برامج التنمية المستدامة، حيث عملت الوزارة على فتح مراكز لتعليم الكبار ومحو الأمية وتوسّعت فيها حتى شملت جميع أرجاء المملكة؛ كما قامت بتوفير جميع مستلزمات التعليم للدارسين مجاناً». ويضيف: «إنه نتيجة للخطط الإجرائية بعيدة المدى التي نفّذتها وتُنفذها الوزارة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية المعنيّة، فقد كانت نسبة الأمية 88% عام 1954، وبلغت العام الماضي 6.8%».
وبحسب بيان لدائرة الإحصاءات العامة، صدر العام الفائت، بلغت نسبة الأمية بين الذكور 3.5% فيما بلغت بين الإناث 10%. وتركزت أعلى نسبة للأمية في الفئة العمرية من 65 سنة فأكثر، حيث بلغت 39%.
كما أظهر البيان انخفاض نسبة الأمية بين الشباب في الفئة العمرية 15 إلى 24 سنة، حيث بلغت 0.8%، ما يعني أن نسبة الأمية تكاد تكون معدومة بين فئة الشباب.
ويؤكد: «أنه في ظل وجود نحو (70) مليون أمّي عربي، فإن هناك تحدّياً للنّظُم التربوية العربية لتبَنّي مداخل ونُظم أكثر فعالية في التصدي للأمية، وتوسيع فرص الالتحاق بالتعليم وسَدّ منابع الأمية».
وقامت الوزارة تبعاً للدكتور العكور، بفتح مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية في كل تجمّع سكاني يتوافر فيه 10 دارسين فأكثر، ويشير إلى أن الأردن حقق نتائج ملموسة في محو الأمية، فقد وصل الأردن إلى نسب متقدّمة جداً مقارنة بدول العالم.

محو الأمية في مصر حق على الدولة

في مصر، ينص القانون رقم 8 لسنة 1991، على أن محو أمية المواطن حق له على الدولة وليس منحة أو خدمة، أي أن القانون المصري أكد أن محو الأمية وتعليم الكبار واجب وطني ومسؤولية قومية. وفي هذا الإطار يقول رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، د.عاشور أحمد عاشور عمري «إن مشكلة تعليم الكبار في مصر كبيرة جداً، فلدينا 18.4 مليون أمي (يجهلون القراءة والكتابة) طبقاً لآخر إحصاء، والفقر هو العامل الأول والمهم في تزايد وانتشار الأمية، فالأسَر الفقيرة لا تُعلّم أبناءها، والأب لا يُلحق أبناءه بالمدرسة لأنه سوف يتحمل مصروفات وأعباء كبيرة، في حين أنهم بتشغيلهم في ورَش يكونون مصدر دخل لهم.
وهيئة تعليم الكبار ليست الجهة المنفّذة لمحو الأمية طبقاً لنصوص القانون الذي أنشأ الهيئة، ولكنها الجهة المنسّقة مع الجهات الداخلية والخارجية الحكومية والمدنيّة، والجهة التي تُتابع وتُشرف وتضع المناهج والخطط وتُقيّم أداء العملية التعليمية. ولدينا بروتوكولات تعاون مع وزارة الشباب والرياضة من خلال مبادرة «المصريون يتعلمون»، ووزارة التضامن الاجتماعي من خلال برنامج «تَكافُل وكرامة»، حيث يتم ربط الدعم للمستفيدين من البرنامج بدعمه أيضاً بالخدمة التعليمية.
ويضيف: «طبقاً لخطة التنمية المستدامة؛ المستهدف أن نقضي على الأمية في مصر عام 2030، وأن نصل بنسبتها إلى الصفر الافتراضي، أي أن تكون أقل من 5%، وهذا لن يتحقق إلّا بمُساندة كبيرة من جهات ومؤسسات الدولة كافّة، وعلينا أن نبدأ بالدعوة لصدور تشريع «مؤسسة بلا أمية»، يُلزم كل وزارات ومؤسسات وشركات الدولة بمحو أمية العاملين فيها».

 

 %8 للنساء

بَيّنت دراسة أعدّتها منظمة «اليونيسكو»، أن نسبة الأمية في لبنان تراجعت من 13.6% عام 1994 إلى 11% عام 2004، وصولاً إلى 6%عام 2014.
وتنخفض نسبة الأمية من 41% للسكان في الفئة العمرية 65 سنة وما فوق إلى ما دون 1.3% في الفئة العمرية بين 10 و14 سنة.
وبالنسبة إلى الأمية بين النساء اللواتي تجاوزن سن الستين، فهي أكثر من ضعف نسبتها بين الذكور في الشريحة العمرية نفسها. وهذه إشارة إلى أن المجتمع كان يهمّه تعليم الصبيان أولاً.
في المقابل، بات يفوق عدد الإناث في زماننا هذا في الجامعات اللبنانية عدد الذكور بنسبة تتجاوز 12%.
وفي دراسة نفّذها «مركز رياض طبّارة» في لبنان، يُظهر أن نسبة الأمية بين النساء انخفضت من 48% عام 1970 إلى 8% عام 2015.

 

مُبادرة«تحدّي محو الأمية»

في نهاية عام 2017، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي (رعاه الله)، مُبادرة «تَحدّي مَحو الأمّية» وذلك بالتعاون بين «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة»، ومنظمة الـ«يونيسكو»، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وذلك قُبَيل انطلاق الجلسة الافتتاحية لـ«قمّة المعرفة» التي انعقدت في دبي في شهر نوفمبر 2017.
وتهدف هذه المبادرة إلى توفير التعليم لـ30 مليون شاب وطفل عربي حتى العام 2030. وتأتي هذه المبادرة الاستثنائية في إطار الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية على الصعيدين المحلي والعربي، إلى مساعدة فئات الشباب على تنمية مهاراتهم وقُدراتهم ومعارفهم وتعزيز مؤهلاتهم، ممّا يُسهم في رفاههم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وفي التصدي للأفكار الهدّامة التي تقضي على مستقبلهم ومستقبل أوطانهم.

 

%25 نسبة الانتشار

وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من خلال نتائج تعداد مصر لعام 2017، يوجد في مصر نحو 18.4 مليون أمي من سن 10 سنوات فأكثر من إجمالي عدد السكان في هذه الفئة العمرية، يبلغ 71 مليوناً و369 ألف فرد، حيث شكلت نسبة انتشار الأمية بين المصريين (10 سنوات فأكثر) 25.8%. وجاء صعيد مصر الأعلى في انتشار الأمية، ومُقارنة بنسب انتشار الأمية بين محافظات مصر في نتائج تعدادي بين عامي 2006 و2017، تَبيّن أن النّسب تراجعت في كل المحافظات خلال هذه الفترة، عدا محافظة جنوب سيناء التي زادت فيها نسبة الأمية، حيث سجّلت في تعداد 2006 نسبة 14.7% ارتفعت إلى 16.6% في نتائج تعداد 2017. 

 

لمحة تاريخية محو الأمية في 5 عقود:

2015
اعتمد إعلان «إنشيون» في مايو 2015 خلال منتدى التعليم العالمي. ويُحدّد الإعلان رؤية للتعليم على مدى السنوات الـ15 المقبلة فيها، على تَعهّد البلدان والمجتمع الدولي بألّا يُترك أحد من دون تعليم.

2009 - 2010
نشر معهد «يونيسكو» للتعلم مدى الحياة، أول تقرير عالمي عن تعليم الكبار وتثقيفهم.

2003 - 2012
اليونيسكو تتصدر الجهود المبذولة في إطار عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية.

2000
اعتماد إطار عمل داكار في منتدى التعليم العالمي في السنغال، الذي نظمته «اليونيسكو». وتَصدّر محو الأمية جدول الأعمال.

1997
تسليط الضوء على أهمية محو أمية البالغين في أثناء المؤتمر العالمي الخامس بشأن تعليم الكبار، الذي عُقد في هامبورغ بألمانيا، وحملت وثيقته الختامية: إعلان هامبورغ بشأن تعلّم الكبار.

1990
الأمم المتحدة تعلن أن تلك السنة هي الدولية لمحو الأمية، وسُلط الضوء في المؤتمر العالمي بشأن التثقيف للجميع في جومتيان في تايلاند.

1975
تنظم الـ«يونيسكو» الندوة الدولية لمحو الأمية، وتعتمد إعلان «بيرسيبوليس»، الذي وصف محو الأمية بوصفه إسهاماً في تحرير الإنسان عوضاً، عن كونه مصطلحاً محصوراً بعملية تعلم مهارات القراءة والكتابة والحساب.

1966
المؤتمر العام لليونيسكو يُعلن يوم 8 سبتمبر يوماً دولياً لمحو الأمية.

1965
انعقاد المؤتمر الوزاري بشأن القضاء على محو الأمية. وعرض لمفهوم «الأمية الوظيفية» لتحديد محو الأمية، بوصفه أداة للتنمية. وظهرت فكرة اعتماد يوم دولي لمحور الأمية.

 

مقارنة نسبة الأمية في مجمل العالم العربي

2014

وصلت إلى نحو 19% من إجمالي السكان
بلغ عدد الأميين نحو 96 مليون نسمة

 
2005
وصلت إلى نحو 35% من إجمالي السكان
بلغ عدد الأميين 70 مليون نسمة
 
المصدر: تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة. 

 

تردّي الأوضاع السياسية.. والأمية

قالت تقارير منظمات أممية، إن الأوضاع السياسية والأمنية والصراعات وموجات النزوح التي تعصف بالعديد من الدول العربية، تشكل أحد أكبر أسباب الأمية في هذه المنطقة اليوم. إذ تؤكد (منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»)، في تقرير صدر مؤخراً، أنّ أكثر من 13 مليون طفل في الشرق الأوسط (أي نحو 40% من أطفال المنطقة)، لا يرتادون المدارس بسبب الصراعات في أوطانهم ، علماً بأنّ عدد الأطفال في سن الدراسة يبلغ 34 مليوناً. ويقول التقرير إنّ:
أطفال سوريا والعراق يتصدرون قائمة مُعدّلات الأمية الناتجة عن تردّي الأوضاع السياسية والأمنية في بلادهم.
يُعاني 4 من كل 5 أطفال سوريين الفقر، بينما يقبع 2.7 مليون طفل سوري خارج المدارس.
في الأردن يُعتبر نصف أطفال اللاجئين السوريين المعيل الرئيسي للعائلة.
في لبنان يعمل الأطفال في عُمر ست سنوات في بعض المناطق.
فيما يعمل ثلاثة أرباع الأطفال السوريين في العراق لتأمين قوت عائلاتهم.
هناك ما يفوق الثلاثة ملايين طفل في العراق، والمليوني طفل في ليبيا، و3.1 مليون طفل في السودان، إضافة إلى 2.9 مليون طفل في اليمن لا يرتادون المدارس.