ظهر حزب البديل في ألمانيا ليطرح أفكاره العنصرية، ويتمكن من اختراق كل القيم الديموقراطية، وفي الوقت ذاته ظل يقدم نفسه على أنه حزب ديموقراطي يقدم فكراً سياسياً ينقذ ألمانيا من إخفاقات الأحزاب الأخرى التي لم تقدم للألمان حصانة وأماناً مجتمعياً، واعتبر أن الساسة باعوا ألمانيا لغير الألمان من أوروبيين عبر الاتحاد الأوروبي واليورو، وعبر استقبال المهاجرين، وهذا حسب دعواه جعل ألمانيا لغير الألمانيين، وأبرز ما قاله هذا الحزب، هو تصريح لنائب رئيسه قال فيه: «إن أزمة اللاجئين وأزمة اليورو وأزمة الإرهاب كانت هدايا للحزب (dw في 22/4/2016)، والمعنى الخفي لهذا القول، هو أن هذا الحزب يضمر العنصرية كأساس له ضد كل ما هو غير ألماني، وهو حزب نازي يخفي نازيته، وما كان له أن ينفذ بأثره في الألمان لو لم تتوافر له هذه الأزمات الثلاث التي جعلت البسطاء من الشعب يتخوفون على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم من مخاطر أمنية واقتصادية ينجرفون للتخوف منها بسبب الضخ الإعلامي وترويج الإسلاموفوبيا وطرح صور اللاجئين بأرقام مضخمة، وهم يدخلون للبلد أو في مراكز الإيواء، وكذلك تأتي صورة اليورو وكأنها الورقة التي سلبت كل صور المعنى القومي حتى لم يعد الألماني قادراً على حمل ورقة صغيرة يسميها عملته وعملة بلده، وصارت هذه الورقة تعني له الابتزاز من الدول المتعثرة كاليونان التي تم تصويرها حين أزمتها المالية على أنها عبء اقتصادي يتحمله الألمان، وهكذا تم تسويق النازية من دون تسميتها، ولكن تحت غطاء الوطنية الألمانية وحماية الحقوق الوطنية والاقتصادية للمواطن الألماني، ولهذا صارت الأزمات هدايا ومعجزات لم يحلم بها أي عنصري منافق. وما حدث في ألمانيا يتكرر في كل بقاع العالم حتى لتظهر الطائفيات والعنصريات وكل الشرور مستغلة فرص الهدايا الكارثية التي تظهر وتعين الأشرار على شرهم، وتم في منطقتنا العربية استثمار مثل هذه الأزمات لتمرير الطائفيات، وهو ما وظفته إيران في العراق وسوريا ولبنان، ومعها بشار الأسد وحسن نصرالله والحوثي، وهم الرموز التي ظهرت لتمارس كل شرورها، ولم تكتف باستقبال الهدايا كما فعل حزب البديل الألماني، بل إنها صنعت هداياها بنفسها، فقد صنعوا الخلايا الإرهابية وافتعلوا الأزمات لكي يقولوا عنها إرهابيين وتكفيريين وليجعلوا من هذا غطاء لتسويق عنصريتهم وطائفيتهم، وكلها علل ثقافية كانت نائمة في بطون الكتب، وتمكنت إيران من بعثها حية على الأرض عبر هذه الهدايا الشيطانية.