تبعاً لما ورد في التوريقة الماضية عن جريدة جامعة الملك عبد العزيز فإني أشير إلى تجربة وضعنا الطلاب فيها، تتلخص في تدريب طلاب الصحافة وطلاب العلاقات العامة على سوق الإعلان، وخصصنا نسبة 25% من قيمة كل إعلان للطالب الذي يأتي به، وحصرنا ذلك بالطلاب بما إن الجريدة أصلاً تقوم على جهدهم، وقد تركنا الأمر لممارسة الطلاب بكل ما يلحقها من أخطاء، ومن ذلك جهلهم ابتداء بشروط التفاوض مع المعلن فيأتينا طالب أخذ إعلاناً بـ500 ريال، وزميل له استطاع الحصول على ألف أو تزيد، مع توافق المساحة واللون والصفحة، ولم نكن نتدخل بالرفض من أجل ترك الطلبة يواجهون فرصهم ويتعلمون من أخطائهم، ولكن أظرف ما مر بنا هو رفض بعض المعلنين تسديد المبلغ بعد نشر الإعلان بحجة أن شكل الإعلان لم يعجبه، أو تناسق الألوان أو تجاوره مع مقال غير مناسب له، ونضطر حينها لإعادة نشر الإعلان بمواصفات ترضي المعلن، كي يدفع القيمة، ولم نكن نتردد في ذلك وكأننا نمارس لعبة أو مسرحية، وكثيراً ما اعترض علينا بعض الأساتذة واعتبروا عملنا تدميراً لمفاهيم الصحافة، ولكني كنت أقف بكل قوتي وسلطتي كرئيس للقسم لتمرير التجربة، والدفع بحماس الطلبة للتدرب من دون أي تعطيل، وكان رأيي أن الأخطاء هي طريق التعلم، ومر عليّ عامان في رئاسة قسم الإعلام، مع أن تخصصي في اللغة العربية، وكانت أول تجربة إدارية لي في الجامعة بين 1979 و1981، ولم أزل أتذكر طلاب الإعلام حينها، وأعرف عدداً منهم نجحوا في مجالاتهم في الإذاعة والتلفاز والعلاقات العامة والصحافة، ولكن الذي ما زلت أتأسف عليه أن معظم ما خططنا له تم تغييره وتم اتباع الطرق الرسمية في صناعة الصحافة، وفي هذا اختلاف جذري للرؤية حيث رأيت أن الجريدة من صنع الطلاب وهدفها تدريب وتعليم طلاب الصحافة ولن يتعلم أحد إن نحن ضبطنا حركته قبل أن يتحركها، ولا بد للمتعلم أن يختبر نفسه ويتعلم من ممارسته ولا يستحي من أخطائه، وكانت هذه سياستي مع تلك الجريدة حتى كنا نعيد نشر المقال من أجل تصحيح الخطأ ونعيد نشر الإعلان ما دمنا لم نرض الزبون المعلن، وكنت أرى هذه دروساً عملية تفيد الطلاب، ولكن الذين جاؤوا بعدي تخلوا عن هذه الفكرة واستعانوا بذوي الخبرة لكي تخرج الجريدة بخبرة مسبقة لم يصنعها الطلاب. وبالتالي سقط مفهوم التعلم بالممارسة وأخذ الدروس من الأخطاء، ليعود مرة أخرى لنظرية التعلم بالحفظ.