لم يَكُن غريباً أن يُلقَّب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيَّب الله ثراه)، بمنَارة التسامُح، إذ عُرف بحرصه على نَبْذ العُنف ونشر قيَم التعايُش والتسامُح مَحلّياً وإقليمياً وعالمياً.
كرّس الرّاحل الكبير كل جُهوده من أجل توثيق أواصر الصداقة والتعاون وتحقيق الوفاق بين القبائل والأشقاء والدول. كانت مَواقفه جميعها تتحلَّى بالحكمة والشجاعة ومُناصَرة الحَقّ والعَدْل، وهي جميعها من ركائز مفهوم التسامُح القائم أصلاً على احترام الآخر، وقبول وتقدير التنوع الثريّ للثقافات.
ففي المحاضرة التي ألقاها المستشار في ديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، ومدير (جامعة محمد الخامس) في أبوظبي، الدكتور فاروق حمادة، تحت عنوان (زايد والتسامُح) في إبريل الماضي، أكد حمادة أن المغفور له «نجح في تأسيس نموذجٍ مُلْهمٍ للتسامُح، يُمثّل مَصْدَر إلهام للعالم أجْمَع». وأشار إلى أن المغفور له «فُطِرَ على التسامُح والأصالة منذ نُعومة أظفاره، وشَبَّ عليهما في صغره، حينما كانت شخصيّته في طَوْر التبلور، فَشَابَ عليهما في كِبَره وترجمهما لاحقاً في سلوكه الشخصي وفي عمله».
حكايات كثيرة تُرْوَى عن تَسامُح الراحل الكبير، منها أنّ المغفور له تَحمّل تكاليف صيانة قبّة كنيسة القيامة المجيدة في مدينة القدس، وفي أُخرى، قيام الشيخ زايد بمساعدة رجل أجنبي يهودي، كان قد لجأ إليه طَلَبَاً للمُساعدة، عندما كان المغفور له في استراحة في سويسرا، إذ أمر مُساعديه أن يُلبَّوا طلبه في المساعدة بضعفين، قائلاً: «إنه إنسان أوّلاً وأخيراً».
غَرَس الراحل الكبير قيمة التسامُح في المجتمع الإماراتي، واستطاع أن يجعل منها مَنْهَجَاً في التعامُل مع الآخرين، كما رَسّخ مفهوم التعايُش والتضامُن واحترام التَّعدُّدية الثقافية وقبول الآخر، فأصبحت الإمارات عاصمة التعايُش، باحتضانها عشرات الجنسيات من مختلف الديانات والثقافات والأعراق الذين يعيشون على أرضها في أمن وسلام، وهو نَهْجٌ تُواصل السَّيْر عليه القيادة الرَّشيدة لدولة الإمارات، وتَعْمَل على استدامته من خلال إنشائها اليوم وزارة للتسامُح، وإصدار قانون مُكافحة التمييز والكراهية.