طلال مداح.. ومخزون الفن السعودي

ألاحظ منذ مدة كمتابع فني، أن المطرب الراحل طلال مداح ينال اهتماماً إعلامياً غير مسبوق. وكأنه توفي منذ مدة قصيرة. فالفنان الذي كان أوّل من اشتهر عربياً من الفنانين السعوديين الذين يتعاطون الغناء والموسيقى، لم ينل بعد رحيله ما يناله اليوم من اهتمام. منذ شهور قليلة، صارت سيرة طلال مداح على كل مواقع التواصل. كبار الصحافيين والنقّاد الموسيقيين السعوديين والعرب، يتناولون مشواره وأغانيه وألحانه، وأحداثاً فنية حصلت معه. بعض منهم، ينشر تسجيلات بالصوت والصورة، عن لقاءات ومناسبات كان فيها، مطرباً أم متحدّثاً. ندوات فنية في السعودية ومصر تتناول أعماله. من الذي يحرّك هذا البحر باتجاه الفنان الكبير؟ هو أمر من اثنين.. إما قلّة الملحنين الموهوبين جعلت الإعلاميين يحركون الجمهور نحو تاريخ الفنان الثري بالألحان. وإما أن هناك نوعاً من الوعي المتأخّر، أن فنّ طلال مداح ثروة موسيقية غنائية، يجب أن تنال حقها. خصوصاً أن التواصل الاجتماعي صار متاحاً لكل الناس من الهواة والمحترفين. بالنتيجة الفائدة الأهمّ، أننا صرنا نعرف عن تاريخ طلال مداح ومخزون الأغنية السعودية أكثر.

كتّاب الدراما.. إغفال أم جهل؟

أعادت شاشة تلفزيون «ماسبيرو زمان» المصرية، عرض لقاء تلفزيوني بين الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب والكاتب والسيناريست الراحل سعد الدين وهبة، أجراه في الثمانينات من القرن الماضي على حلقات سماها «النهر الخالد». وفي إحدى الحلقات، قال عبد الوهاب «أيام الثورة السورية على الانتداب الفرنسي، كنت وأمير الشعراء أحمد شوقي في سوريا. وأذكر أن شوقي كتب قصيدة عصماء تتناول حريق «سوق الحميدية» الشهير في دمشق. وكتب قصيدة أخرى عن الثورة السورية، لحنتها وغنيتها وهي قصيدة (سلام من صبا بردى، أرقّ ودمع لا يكفكف يا دمشق)». وكلنا نعرف هذه القصيدة وكيف لحنها وغناها عبد الوهاب. لكن الذي خطر في بالي ويخطر في بال أي مشاهد، هو كيف تجاهل كتاب السيناريو السوريون، الذين تناولوا مراحل من الثورة السورية على الاحتلال الفرنسي لسوريا وبلاد الشام، وجود أمير الشعراء ومطربه الشاب في حينه محمد عبد الوهاب في دمشق. كيف لم يذكروهما ضمن أحداث تناولوها كثيراً، وهما تركا في هذا الوضع أثراً كبيراً بالشعر والألحان والغناء؟ فرنسا وبريطانيا سيطرتا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وانهيارها. وتحكّمتا في أمور بلاد الشام بين نهاية الحرب الأولى، والحرب الثانية. وبين 1918 و1946 عانى السوريون واللبنانيون والأردنيون والمصريون والفلسطينيون طويلاً. وكل الأفلام والمسلسلات التي تناولت هذه المرحلة، خصوصاً المسلسلات السورية، لم تذكر حضور أحمد شوقي الكبير وشعره الرائع. هل هو أمر مقصود؟ لا أظن، لكنه بالتأكيد جهل وقلّة إطلاع على التاريخ وتفاصيله. ويبدو أن أغلب كتّابنا لا يعرفون أن روعة الدراما، تكمن في التفاصيل!