كنت أرأس قسم الإعلام في جامعة الملك عبد العزيز عام 1979، وتبعاً لهذا أشرفت على جريدة الجامعة التي يقوم بها ويتدرب فيها طلبة الصحافة، وطرحت فكرة استكتاب المسؤولين الذين ليسوا من أرباب القلم والكتابة، وخصصت لهم زاوية في وسط الصفحة الأخيرة، تحت عنوان «إجازة قلم»، وبدأنا بمدير الجامعة الدكتور عبد الله نصيف، حيث كتب مقالة عن سرعة الشباب في قيادة السيارة، وفسرها بمعنى الحصان الذي هو المعيار لقوة السيارة بما إنها بقوة عدد كبير من الأحصنة، وهذا يعطي معنى القوة وكأن الشاب يمتطي صهوات هذه الخيول، مما يشعره بالقوة والهيمنة فيطير معها، وكان ذلك تفسيراً محفزاً دفع رسام الكاريكاتير في الصحيفة لوضع رسوماته باستيحاء تلك الفكرة، وكتب عميد الكلية الدكتور حمد العرينان مسائلاً فكرة أن يدخل القلم في إجازة، وانطلق مع خياله في تقليب الفكرة، وكانت تجربة الاستكتاب هذه مؤثرة جداً في شعور الطلبة بالتفاعل بينهم وبين المسؤولين، وفي الوقت ذاته كانت تحدياً ثقافياً لكل مسؤول شارك معنا، حيث اقتحموا الكتابة الصحافية، وكنا نشرط عليهم تجنب أي شيء يتصل بعملهم، ونشترط أن تكون الكتابة حرة ومستقلة عن العمل بما إن القلم يأخذ إجازة من عمله الرسمي، ولم يخل الأمر من بعض ورطات، حيث ظهرت مقالة وكيل الجامعة الدكتور محمد علي حبشي، مشوهة بسبب أخطاء في الجمع اختلطت به الجمل، وهذا دفعني لاتخاذ قرار بنشرها مرة أخرى في عدد لاحق، وهو ما سبب اعتراض أساتذة الصحافة بما إنهم يدرسون طلابهم على رفض فكرة إعادة نشر أي مادة صحافية مهما كان السبب، ولكني كسرت القاعدة، وطرحت بفكرة شجاعة الاعتراف بالخطأ ورأيتها درساً أخلاقياً للمهنة، وظلت تجاربنا تتسع وتتنوع كما سأشير في التوريقة المقبلة.