شرايين وعروق وأوردة بارزة، ناتئة، قبيحة ومؤلمة في القدمين تترافق غالباً مع حكة شديدة وتورمات. إنها «الدوالي» التي تظهر غالباً في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.. فما حكايتها؟ ما علاجها؟ وهل الوقاية في حالاتها ممكنة؟
لو كانت مجرد مظهر جمالي لغض البعض النظر ربما عنها، لكنها حالة مرضية وجمالية تتسبب بآلام شديدة أحياناً وتؤثر سلباً في نوعية الحياة. جراح الأوعية الدموية والشرايين والأوردة الدكتور جوزف نعوم شرح العلل والحلول: الدم يتحرك في الساقين من الأوعية الدموية السطحية إلى الأوعية الداخلية عبر أوردة فيها صمامات تمنع عودة الدم من الأوعية الداخلية إلى السطحية، لكن في حال تدمرت لسبب ما هذه الصمامات، يبدأ الدم في التحرك بشكل عكسي إلى الأوردة السطحية ما يتسبب بظهور الدوالي. ومفرد دوالي «دالية» ومعناها وجود عرق مريض تحت الجلد يتجمع فيه الدم فيختنق ويُصبح أزرق اللون ومؤلماً ويتسبب بتشوه في الجدار الشرياني.
يحاول د.نعوم أن يشرح بتبسيط أكثر: يفترض أن يجري الدم من الأطراف إلى العمق ومن تحت إلى فوق، أما في حال خرج الدم من الوريد ثم جرى نزولاً بدل أن يصعد من الكاحل إلى القلب، يتعرقل مساره وتمتلئ الأوردة بالدم وتنتفخ. الهرمونات تؤثر في العروق الصغيرة عادة، لهذا تعانيها المرأة أكثر، في حين تظهر المشكلة عند الرجال في الأوردة الكبيرة، وتظهر الدوالي في أقدامهم على شكل حبال سميكة. نذكر أن خطورة الإصابة بالقصور الوريدي تزيد مع التقدم في العمر، خصوصاً عند النساء، لكن قد نرى أحياناً نساء شابات مصابات. وفي هذا الإطار يعطي جراح الأوردة الدموية نسبة: تصاب 30% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و40 عاماً بشكل من أشكال الدوالي. أما من تعدين سن الـ70 عاماً فترتفع نسبة إصابتهن بمشاكل الدوالي إلى 70%.

تنوع واختلاف أسباب ظهورها

أسباب ظهور الدوالي متنوعة، ومختلفة، وفي هذا الإطار يشرح د.نعوم قائلاً: إن 42% من الحالات تتأتى عن أسباب وراثية. والوقوف فترة طويلة على «بطة» القدم سبب آخر، أيضاً النساء أكثر تعرضاً للإصابة من الرجال بسبب تأثير الهرمونات على الأوردة، كذلك المرأة التي أنجبت أكثر من ثلاثة أطفال ترتفع إمكانية مواجهتها مشكلة ظهور الدوالي في قدميها، لأن التمدد والضغط الشرياني في أطرافها السفلى يُضاف إلى ذلك وزن الطفل والتبدلات الهرمونية كلها عوامل تُضعف عروقها. أيضاً التعرض سابقاً إلى جراحة في الوريد أو إلى الأشعة ما فوق البنفسجية، ووضع الساق فوق الساق بشكل مستمر عند الجلوس أو ارتداء سراويل ضيقة وكعب عال يحفز ظهور الأوردة العنكبوتية القبيحة، لأن مثل تلك التصرفات تعوق الدورة الدموية، مما يؤدي إلى تفاعلات التهابية، إضافة إلى قلة الحركة والنشاط الجسدي، البدانة، انقطاع الطمث، كلها أسباب تؤدي إلى ظهورها.

العلاج حسب نوع الحالة

أما العلاج فله طرق كثيرة تختلف حسب نوع الحالة وطريقة العلاج، وفي هذا الإطار يشرح د.نعوم: في الحالات التي تتأتى عن أسباب وراثية نعالج العوارض بأدوية مصنوعة غالباً من الأعشاب البديلة والكريمات وعلاجات تقليدية ومشدات خاصة للـ«فاريس»، ويفترض أن تتذكروا دائماً أن أهم علاج للوريد المنتفخ أو الدوالي العنكبوتية هو استخدام جوارب خاصة أثبتت قدرتها على دفع الدم إلى الداخل وتخفيف الضغط من دون تغيير كبير في مظهر الأوردة. هذه الأنواع من العلاجات لا تنهي إذاً مشكلة الـ«فاريس» لكنها تخفف منها.

علاج الحرق بالليزر

هناك علاجات أخرى تعتمد على حرق الوريد بالليزر بعد أن يجري الطبيب فحص إيكو للقدمين ليرى بدقة طبيعة وحال الأوردة الداخلية، والكشف عن الأوردة التي تملك صمامات خاطئة. وبعد التشخيص الدقيق تُقدم مجموعة كاملة من العلاجات الشاملة بما في ذلك العلاجات المركبة.
يساعد العلاج بالليزر الذي يتكون من مخدر النيوديميوم والإيتريوم الألومنيوم من العقيق في علاج الأوردة العنكبوتية والأوردة الشبكية، ويساعد على دفع الدم إلى أعلى، بدل أن ينزل إلى أسفل. وفي هذه الحالة يُصار إلى علاج الدوالي الخارجية عبر حرق الوريد بالليزر، أما الأوردة الكبيرة فيُصار إلى سحبها عبر إحداث شقوق صغيرة في القدمين أو عبر قطع الوريد جزئياً لإزالة انتفاخ أوردة الدوالي. هناك تقنية أخرى تقضي بحقن الدوالي بمادة معينة عبر إبرة رفيعة، مما يؤدي إلى تقلص الشريان وتجفيف الـ«فاريس» واختفائه.

إشارات تحذيرية

قد تعانون التهاب الأوردة قبل أن ترون تلك الحبال الرفيعة أو السميكة المسماة «فاريس» بالعين المجردة. وإليكم بعض الإشارات التي تُحذر من مشاكل داهمة في الأوردة والشرايين والعروق:
• آلام في القدمين وتشنجات.
• حكاك وحريق في القدمين.
• تورم في الكاحلين خصوصاً آخر النهار.
• شعور بثقل في القدمين.
• تغير في النسيج الجلدي في القدمين.
• تقرحات وجروح لا سيما عند الكاحل.