عندما يناطح الفنان الصاعد النجوم

تعرّض المطرب اللبناني وائل جسّار لموقف محرج جداً، لا يتوافق أبداً مع شخصيته الرزينة والهادئة أبداً. وبإحصاء عابر، سنجد وائل عرضة بين أسبوع وآخر لهجمة مرتدّة من شخص لا أحد يتوقع منه الهجوم. فبعد هجمة صارخة على الجسّار رفيع الأدب، لمجرّد أنه عبّر عن رأيه بتدني المستوى الفنّي للمتنافسين في برنامج «ذا فويس»، ها هو مطرب لبناني صاعد يركّز جيداً على الهدف، فيضرب في سمعة وائل جسّار ونزاهته كفنان، بشكل مؤذٍ. الهدف طبعاً واضح، لفت الأنظار! فجأة، يطلّ مطرب (صاحب صوت، لكن رديء الاختيارات) فيسجّل بالصوت والصورة، على طريقة «الصراع مع الكبار يجعلك ندّاً كبيراً لهم»، أن وائل جسّار منعه من الغناء في أحد الأفراح في تونس، أي قطع رزقه. وحقق الفنان الشاب جزءاً صغيراً من الهدف. فهو صاحب أغنية الكلمات البذيئة، التي رفضناها في حينه. رمى جاد خليفة التهمة على وائل جسّار، وجلس ينتظر ردود الأفعال. كيف سيصبح المطرب الصاعد في بؤرة الضوء؟ بالفعل تناولته الصحافة، وردّت العروس صاحبة الفرح في تونس نافية أن يكون وائل طلب منعه من المشاركة في فرحها. تحوّل المطرب الصاعد من صوت مغمور لا يسمع عنه أحد، إلى مطرب تتداول أخباره البلد. ليس مهمّاً أن تصبح مشهوراً، المهمّ أن تكون محترماً. من أين سنأتي لصاحب الأغنية البذيئة بالاحترام؟ الأغنية التي سجلها وصورها مع عارضة الأزياء ميريام كلينك، والتي نخجل من ذكر كلماتها هنا؟

دوللي شاهين تضرب في القنديل

لا أعرف من الذي سمح للمغنية اللبنانية المقيمة في مصر دوللي شاهين باستعمال لحن أغنية «يا حلو صبّح، يا حلوّ طلّ»، للفنان الراحل محمد قنديل. فالأغنية التي لحنها الراحل محمد الموجي. هي حسب معلوماتي أنها من «ممتلكات» شركة «عالم الفن» لمحسن جابر. وحسب اعتقادي أن ورثة الراحلين الموجي وعزيز، لا يمكن أن يقبلوا بمثل هذا «التجديد» العشوائي لأغنية تعتبر من بين تراثيات الغناء العربي الشعبي الجميل. أجد نفسي محرجاً جداً أمام هذا «الحدث الفنّي المؤلم». فقد دعوت منذ أيام هنا بالذات على هذه الصفحات، إلى إعادة تجديد الغناء القديم. وطلبت من أصحاب الأصوات الجميلة أن يبحثوا جيداً في القديم وسيجدون ما يستحق إعادته للحياة. ويبدو أن دوللي شاهين سمعت الكلام بأسرع من الصوت، وغنّت بصوتها ما لا يمكنها أن تطوله بالشكل الصحيح. العتب على الذين سمحوا ووافقوا قبل أن يسمعوا. إلا إذا كانت أصوات المال منعت سماع أي شيء دونها.

من أين لهن هذا؟

يكاد الفضول في نفسي يفيض بما لا يُحتمل، حول معرفة الجواب الصحيح لسؤال بسيط جداً. من أين تأتي المغنيات والممثلات الصاعدات بكل هذا الترف في المعيشة. كيف تبرّر كل واحدة، تقول إنها «مطربة»، وهي «مغنّية» محدودة الموهبة، كل هذا البذخ في العيش والإنتاج الفني؟ هناك مجتمع واسع من المغنيات والممثلات. مجتمع ينعم بالقدرة الباهرة على الإنتاج الفني. في حين لا يجد المطربون الحقيقيون، رجالاً ونساءً منتجاً يتحمّل عبء الإنتاج الفني، غناءً كان أم تمثيلاً ودراما. المغنيات والممثلات الصاعدات، يعشن في أجمل المدن وأغلاها تكلفة، وتجدهن حسب صفحاتهن على مواقع التواصل، يعشن وكأنهن من كوكب آخر. كوكب لا أزمات مالية فيه، ولا معاناة إنتاجية. والأغرب، أن بعض المغنين الشباب يعيشون أيضاً حالة البحبوحة المستغربة، تماماً كما «الفنانات الصاعدات» موضوع التساؤل، تقدّم الواحدة منهن عملاً بسيطاً كل حين وحين، وتغنّي الواحدة منهن مرّة بين حين وحين في برنامج أو حفل أو فرح، ونعرف أيضاً أن بعضهن يشاركن بالمجان في مثل هذه الأعمال والمناسبات فقط للظهور، ويذهب الأمر معهن أحياناً إلى حدّ دفع رشوة للمشاركة. ومع ذلك، لا أحد يعرف من أين تأتي هذه الأموال وهذا البذخ. العجيب أن مصارفنا تسألنا عن كل مبلغ يدخل حساباتنا مهما كان بسيطاً، ونتعرّض لتحقيق طويل. أما حضراتهنّ، فالأمور سالكة معهن وآمنة جداً... أنا لا أحسد، ولكن إلى متى سأظلّ في هذه الحيرة؟ ساعدوني يرحمكم الله!