سرطان عنق الرحم يُحدق بكنّ، ببناتكن، والوقاية أبسط بكثير مما تظنّن. هو ثاني أخطر سرطان يصيب النساء بعد سرطان الثدي. أليس هذا كافياً كي نحدق بتفاصيله مليّاً ونفتح الأذنين جيداً، ونبحث عن سبُل تفاديه؟

دول كثيرة جنّدت نفسها للقضاء على المرض. دول تقدمت في هذا المجال ودول تسعى إلى اللحَاق برَكْب من سبقوها. أستراليا قد تكون أول دولة تُعلن قريباً خلوّها من سرطان عنق الرحم. أبوظبي طبّقت التلقيح ضد الفيروس السرطاني في مدارسها والأرقام تُبشّر خيراً. العالم دق ناقوس الخطر. دول تصنّف نامية بدأت تعي بعد حملات التوعية المكثفة. إنّ إمكانية حماية الإناث من فَتْك هذا الفيروس ممكنة والتخاذل ممنوع. العالم كله سمع في 10 أعوام عشرات النصائح، بأن العلم نجح في اكتشاف الفيروس المسبّب لهذا السرطان، والعلم نجح في الحد من هذا الفيروس عبر لقاح بسيط قادر على أن يجنّبكن السرطان القاتل. العلم قام بما عليه، دول كثيرة قامت بما عليها، ويبقى لـ«نون النسوة» أن يعرفن عنه أكثر ليتحرّكن أسرع ويقين أنفسهن أكثر.

الورم الحليمي

يُسمّى هذا الفيروس شعبياً: سرطان عنق الرحم، لكن تطلق عليه علمياً تسمية: فيروس الورم الحليمي البشري «إتش.بي.?ي» HPV. والمقصود، بالتسميتين، واحد. وفي التفاصيل، أن أي امرأة قامت بنشاط جنسي معرّضة للإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، الذي يؤدي إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم. لذا، يُنصح بتلقيح كل أنثى ضد هذا الفيروس قبل أن تتزوج، وبالأصح قبل أول علاقة جنسية تقوم بها، كون اللقاح يؤمّن لها حماية قوية وطويلة الأمد، ضد أنواع فيروس الورم الحليمي البشري الأكثر انتشاراً وعدائيّة.

تعرّف الطب إلى أكثر من 100 نوع من الورم الحليمي البشري، يسبب نحو 15 نوعاً منها سرطان عنق الرحم، وتسبب تحديداً الأنواع: 16 و18 و31 و45 منها، أكثر من 80% من إصابات عنق الرحم في العالم.

طُرق الوقاية

من الصعب طبعاً أن نفهم الفارق العلمي بين الأنواع والأرقام، ولكن من السهل أن نفهم طرق الوقاية من هذا الفيروس. الاختصاصي في التوليد والأمراض النسائية الدكتور وليد الصغير، يفسّر بلغة مفهومة آثار سرطان عنق الرحم: هو يصيب النساء بين سني 35 و55 عاماً، وكل العلاجات لم تنجح في إطالة عمر نحو 70% من النساء المصابات بأكثر من خمس سنوات. لذا كان لا بدّ من العمل على الوقاية من الإصابة به، وذلك عبر لقاح ضد فيروس الثآليل، المسبّب الأول لسرطان عنق الرحم. وأثبتت كل الدراسات خلال 10 سنوات، فعاليته بنسبة 100%، خصوصاً إذا تم إعطاء هذا اللقاح بين عُمْرَي 12 و26 عاماً، حين تكون قدرة تجاوب جهاز المناعة في أوجها.

إشارات

ثمّة إشارات قد تدل على وجود خلل ما قد يكون سرطانياً يتكون في الرحم، وأبرزها: ظهور إفرازات مهبليّة، لا لون لها، ذات رائحة كريهة، تترافق أحياناً مع نزف دموي يشتد بعد حدوث العمل الجنسي، وإحساس بألم شديد في المثانة. لذا نصيحة إلى النساء القيام بفحص الزجاجة دوريّاً، لأنه يُسهم في اكتشاف أي خلل في بداياته، وهو بسيط وغير مؤلم. ويُصار إلى التأكد طبّياً من وجود سرطان عنق الرحم، بأخذ عيّنة منه وإخضاعها لفحص مخبري، وتصوير جهاز المثانة والقولون عبر استخدام مادة ملونة.

العلاج

أما العلاج فتعتمد فعاليّته على درجة حدوث السرطان وموقعه وحجمه وانتشاره. وهو يكون جراحياً باستئصال عنق الرحم، أو إشعاعياً أو كلا العلاجين معاً.

كي لا تصل المرأة إلى البحث عن كيفية علاج سرطان عنق الرحم، فلتفكر كيف تتفاداه. فلنُفكر كلنا كيف نجعل بنات حواء يتفادين هذا الفيروس السرطاني ما دام هذا ممكناً. ولنتذكر دائماً أن اللقاح لا ينفع إذا استُخدم في أجسام مصابة.