هو يوم معتاد كغيره من الأيام ولكنه في عام 2071. فبمجرد أن تدخل سيارتك ترحب بك وتطلب منك الاسترخاء وتسألك عن وجهتك إذا كانت لمكان العمل أو مكان آخر، فتجيب بأنك متجه للعمل، وعندما تصل لعملك تدخل من باب مزود بتقنية الذكاء الاصطناعي يرحب بك باسمك ويخبرك بساعة وصولك. وعندما تجلس لمكتبك المزود تتحدث لك شاشة ذكية عن ملخص اليوم وتخبرك بما عليك إنجازه، لتبدأ يوماً آخر زُملاؤك فيه رجال آليون (روبوتات) مختلفو الأشكال والأحجام والوظائف. وعندما تطلب قهوة الصباح يحضرها لك روبوت يعرف اختياراتك جيداً وما اعتدت تناوله. وهنا أنا لا أصف مشهداً من فيلم، ولكن جانباً لما يمكن أن تبدو عليه أيامنا في المستقبل القريب. المشهد قد يبدو مشوقاً للبعض، ولكنه مرعب لكثيرين من المتخوفين أن تحل الروبوتات محل البشر! ولهذه المخاوف جذور تعززها إحصاءات مثل توقعات ماكنزي (McKinsey & Company) التي تتنبأ بأن تحل الأتمتة والروبوتات محل 800 مليون وظيفة حول العالم بحلول 2030 وغيرها من الإحصاءات التي تفصّل هذه المسألة. ولكن الواقع يقول إنه ليس هناك داعٍ للقلق بل الاستبشار بفرص لا متناهية بدأ التطور التقني الهائل يتيحها منذ اليوم عبر تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وإنترنت الأشياء، وهو ما تعززه التوقعات بملايين الوظائف المتاحة وأثرها على كفاءة العمل والدخل. مناسبة الحديث هي اليوم العالمي لمهارات الشباب الذي اختارت منظمة الأمم المتحدة الاحتفال به في 15 يوليو من كل عام، الذي حل الأسبوع الماضي، وقد بدأت ملامح الثورة الصناعية الرابعة تحل على العالم بسرعة فاقت التوقعات. وهو ما يوجب على الجميع الانتقال بحديثهم عن مستقبل الوظائف ليناقشوا مستقبل الشباب والمهارات التي يجب تزويدهم بها ليكونوا مؤهلين للعيش الكريم في المستقبل. وبدلاً من الفزع لا بد أن يتجه العالم لخطط مثل مئوية الإمارات 2071 التي لا يزال كثيرون ينظرون إليها باندهاش ويتساءلون لماذا هذا الاستعجال من قيادة الإمارات في التخطيط للمستقبل؟ فيكون الجواب البسيط أن المستقبل لا ينتظر أحداً. لذا بدلاً من الانشغال بالقلق من تأثيرات التقنية في مستقبلنا ومستقبل الشباب، يجب أن ننظر للصورة الأشمل من حيث الفرص التي ترافقها والمهارات الواجب تطويرها لتلافي آثارها الجانبية. فالتقنية جعلت البحث عن وظائف تناسب المهارات والقدرات أكثر سهولة وشفافية، ومن أمثلة ذلك بوابة وظائف دبي التي أطلقناها في دبي الذكية، لتُقدم الفرص الوظيفية المتاحة في دبي على طبق من ذهب لأصحاب المهارات والكفاءات المناسبة dubaicareers.ae، ومن جهة أخرى لا بد أن نبحث عن المبادرات غير المسبوقة التي تم إطلاقها مؤخراً على المستوى العربي وضمنها مبادرة «مليون مبرمج عربي»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتكون منصة لتخريج جيل من المبرمجين الذين سيبنون المستقبل. في اليوم العالمي لمهارات الشباب 2018 لا بد أن نتجه بأنظارنا مع أبنائنا للمستقبل، ونتصور ما نرغب في تحقيقه وكيف نريده أن يبدو ونؤمن بقدرتنا على تحقيقه، وعلى الرغم من أن الشباب هم أكثر عرضة للبطالة من غيرهم الأكبر سناً بثلاث مرات على الأقل، حسب منظمة الأمم المتحدة، لكنني أؤمن بأن مصادر اكتساب المهارات والتعليم لم تعد كما كانت وأصبحت التقنية نافذة فعالة وسهلة لبناء مستويات مهارية غير مسبوقة لدى الشباب حول العالم والمسؤولية تقع على عاتق الجميع بدءاً بالأسرة مروراً بالمؤسسات التعليمية وصولاً لاستراتيجيات الدول لتحقيق نقلة نوعية في مهارات الشباب. التقنية لن تستبدلنا بل ستمنحنا فرصة تولي مهام أكثر جودة وفعالية وتوفر لنا وقتاً أكبر لعمل ما نُحب. فكيف تتخيلون وظيفتكم في 2071؟