شمة الظاهري: لسنا بحاجة إلى دين جديد بل علماء يفهمون في خطوة لافته تخرج بالنساء إلى براح الاستنارة الفقهية، وبمنظومة أفكارها إلى الاعتدال والوسطية، قامت الإمارات مؤخراً بتعيين شمة يوسف الظاهري، أول إماراتية في مجلس إفتائها الشرعي، وفي الحوار معها مزيد من الإضاءة حول تجربتها. في بداية حديثها أعربت شمة الظاهري (30 عاماً)، عن فخرها وسعادتها لدخولها ضمن تشكيل «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي» الجديد، وذلك كأول إماراتية منذ تأسيسه، مُبيّنة بالقول: «أرى في تعييني رؤية عميقة ورائدة من ناحية مشاركة المرأة الإماراتية في الإفتاء، وهي ثقة حقيقية توليها لنا القيادة الرشيدة لتفعيل دور المرأة في كل المجالات، وهذا أمر ليس بغريب عنها، إذ تُولي جُلّ اهتمامها بالمرأة، وتحرص على مشاركتها الفاعلة في خدمة الدين والوطن». فرصة أمام الإماراتية وتضيف: «أعتبر أن هذا الاختيار يُعد فرصة تفتح المجال أمام المرأة الإماراتية، لمضاعفة جهودها في مثل هذه التخصصات، التي لا شك في أن مجتمعاتنا بحاجة إليها، وفيما يخصّني هي فرصة للاستفادة من خبرات أصحاب هذا المجلس، التي ستضفي على مَعارفي فوائد علمية كبيرة». عن كيفيّة انضمامها إلى منصات الوعظ والإفتاء، تحكي الظاهري: «بدايتي كانت من خلال الدراسة وتخصصي ورغبتي في الإسهام في هذا المجال، حيث عُيّنت في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وبدأت بالتدريب العملي من خلال المختصين، وفعلاً بدأت ألقي المحاضرات في المساجد والمؤسسات، ثم بعد ذلك شاركت في بعض البرامج الإعلامية في إذاعة القرآن الكريم». يتمثل أول التحديات التي قابلت الظاهري في دخولها هذا المجال، في تَقبُّل الجمهور للواعظ المرأة، وتشرح: «تعوّد الناس على الرجال أو نمط معيّن من المحاضرات في أعمار متقدمة، لكني بدأت وسنّي لم تتجاوز الـ26 عاما، فكنت ألاحظ الاستغراب والتعجب من قبل الناس، لكن هذا الأمر دفعني أكثر إلى إثبات وجودي في المجال الوعظي». نظرة المجتمع إلى الواعظ وتضيف: «من التحديات التي واجهتني كذلك، نظرة المجتمع إلى الواعظ بأن يكون بعيداً عن الترفه في الدنيا وممارسة سلوكياته الشخصية بتحفّظ كبير، فلا شك في أن مُراعاة هذه النقطة أمر مهم، خصوصاً أن الواعظ يمثل القدوة والأسوة للناس، ولكن هذا لا يمنع من أن يمارس سلوكياته باعتدال، لا إفراط ولا تفريط». وعمّا يلزم المرأة لتنخرط في مجال الإفتاء والوعظ، تُجيب الظاهري بالقول: «لا توجد فروق بين الرجل والمرأة في مجال الوعظ، عدا أن اهتمام الرجل بالإفتاء منذ عقود طويلة كان أكثر، ولذا كان الحضور النسائي خجولاً». وفي هذا الإطار، تستطرد: «ولكن للمرأة أن تضع بصمتها في الإفتاء إن أرادت ذلك واستوفت الشروط التي يتطلبها المجال». وتوضح الظاهري أكثر، قائلة: «من أهم هذه الشروط، الرغبة الداخلية في خدمة الدين والوطن، فتلك المهنة ينبغي ألا تؤخذ بعين الوظيفة والإغراء المادي، بل يكون قمّة العطاء فيها الإخلاص للقيَم الصالحة، إضافة إلى التحلّي بالصبر في تحصيل العلم، والنظر في المستجدات والقضايا المعاصرة، حتى يكون عند صاحبها إلمام بفقه الواقع، والبُعد كل البعد عن التشدد والغلو». قبول الآخر تجد الشامسي، أن للواعظ والمفتي دوراً كبيراً في إرساء قيَم التسامُح والوسطية، قائلة: «المجتمع يثق برجل الدين نظرا لمكانته، فكل ما يقوله الواعظ يؤخَذ ويُعمَل به من قبل العوام من دون أي تردّد، لذا ينبغي عليه أن ينتهج الخطاب الديني المعتدل الذي يُرسّخ قيم القبول والتعايش مع الآخر مهما اختلف دينه أو عرقه». مُبيّنة أن الناس اليوم في حاجة إلى فهم الدين الذي يُعالج قضاياهم العصرية بعيداً عن التطرف، لافتة الانتباه: «لكن للأسف حاول الكثيرون بفتاواهم المضللة والمنحرفة والبعيدة عن ديننا تشويه هذا الدين، فكان خطابهم سبباً للدمار والخراب في كثير من البلدان». السلام مع المخالفين وتختتم الظاهري بالقول: «في الحقيقة نحن لسنا بحاجة إلى دين جديد، فديننا فيه ما فيه من الأحكام والقيم والمعاني والأخلاق الحميدة، التي تجعل الناس جميعاً يعيشون حياة أمن وسلام حتى مع مُخالفيهم. فهو صالح لكل زمان ومكان، بل نحن بحاجة إلى علماء مُعتبَرين يفهمون هذا الدين ويوصلون أحكامه وتعاليمه السّمْحة بعيداً عن خطاب الغلو والتشدد».