من يرى صاحب الهمّة، محمد السيد وهو يتنقل بين الزهور والنباتات في ورشة الزراعة في «مركز راشد لأصحاب الهمم»، يشعر بأنه لا يختلف عن أقرانه الأصحّاء، مع أنه يعاني مشكلة صعوبات التعلم. فمنذ أن رأى محمد نور الدنيا للمرة الأولى عام 1995، تُرافقه منذ ذلك الحين وحتى اليوم مشكلة صعوبات التعلم، تلك التي تَغلّب عليها وتفوّق، من خلال اهتمامه بالزراعة وتنسيق الزهور، التي تعلّم أصولها في ورشة الزراعة في «مركز راشد لأصحاب الهمم». زرع المحبة وسط الزهور والنباتات مختلفة الألوان والأشكال، يتنقل محمد السيد بكل نشاط وحيوية، فبمجرد وصوله إلى ورشة الزراعة ليقتبس لنفسه من أوراقها ألواناً زاهية، يصبغ بها عالمه الخاص، بعد أن تمكن من تحرير يديه من قيود الإعاقة التي كبّلته منذ صغره. الحديث مع محمد يكشف لك عن جوانب رائعة في شخصيته، فهو الذي يعاني صعوبات التعلم، من أولئك الذين يُدركون أهمية الالتزام واحترام الآخر، يعرف كيف يزرع المحبة في القلوب بسهولة، بطريقة تشبه زراعة النباتات في الأحواض، أو قطعة الأرض التي خصصها المركز لذلك، حيث تعوّد على أن يقضي يومه فيها، مُتنقّلاً بين المزروعات، يرويها ويقلّمها، ويجمع الثمار التي نضجت، يفعل ذلك كله بحُب ونشاط. شعور بالمتعة كلمات محمد السيد وحركته داخل ورشة الزراعة، تُشعرك بأنه سعيد بممارسته للزراعة في المكان الذي يحبه، ويُعبّر عنها بقوله: «أشعر بمتعة كبيرة بوجودي في هذا المكان، فأنا أحب الزراعة وأشعر بسعادة كبيرة عندما أزرع نبتة وأراها تخضرّ وأقوم برعايتها، لأنني أؤمن بأن الزراعة إحياء للأرض وزرع للخير». علاقات اجتماعية ما يتمتع به محمد السيد من مميّزات، لا تقتصر فقط على الاهتمام بالزراعة، وقضاء وقته بين الزهور والنباتات، بل بحبّه لنقل خبرته إلى الآخرين، يتحدث إليهم بحُبّ، ويشعر بمتعة كبيرة وهو يروي تجربته مع الزراعة، ويقول: «أنا أحب التحدث مع الآخرين من الزملاء أو الزوار، أشرح لهم ما أقوم به من أعمال زراعية وتنسيق الزهور، والعناية بها».