في العشرينات ومع بداية الصعود الهوليودي شعبوياً واجتماعياً وازدياد شهرة الممثلين ضجت الصحف ووسائل الإعلام حينها بما يعتبر من أشهر فضائح مجتمع هوليوود مثل اتهام «فاتي» أرباكيل بالقتل والاغتصاب، ثم وفاة وليم ديزموند رئيس نقابة المخرجين في شقته مقتولاً، وموت والاس ريد بسبب الإفراط في المخدرات، مما أثار زوبعة كبيرة من الاحتجاجات الجماهيرية ضد ما يسمى بـ«فسوق هوليوود»، وانتشرت مقالات الشجب والتحذير، وقاد رجال الدين حملات كبيرة للتحذير من السينما ومشاهدة الأفلام، كما قام عدد من الجمعيات، ومنها النسائية والإصلاحية بالمطالبة بمقاطعة جماهيرية للسينما حتى أصدرت أكثر من 35 ولاية أميركية إضافة إلى الحكومة الفيدرالية قانوناً للرقابة على ما يعرض في السينما واعتبارها مثل عروض السيرك لا ينطبق عليها التعديل الأول في الدستور الذي يمنح حق حرية التعبير. ومن هنا كان على صناع الأفلام ورؤساء شركات الإنتاج الكبرى في هوليوود أن يستبقوا الخطوة الأذكى لتصحيح الأوضاع ومنع التدهور المحتمل لهذه الصناعة الجديدة واستعادة ثقة الجمهور والمواطن الأميركي حيث جاء الحل بتشكيل منظمة من أفراد الصناعة باسم «اتحاد منتجي وموزعي الأفلام في أميركا» وتعيين ويل هايز رئيساً لهذا الاتحاد، وهو الشخص المعروف بكونه جمهورياً شديد المحافظة منتمياً إلى الكنيسة البروتستانتية، والذي بادر بإعداد قائمة بأكثر من 115 نجماً ممنوعين من العمل ضمن أفلام شركات الاتحاد بناء على سلوكياتهم وفضائحهم في حياتهم الخاصة في محاولة منه لاستعادة صورة أفضل عن النجم الهوليودي بالإضافة لمراجعته لنصوص الأفلام التي تقدمها له شركات الإنتاج لتحصل على موافقته قبل بداية العمل، وهكذا استغرق «مكتب هايز» سنوات عدة في الرقابة، إضافة إلى عمله على دفع خطر الرقابة الحكومية على صناعة السينما وتهدئة جماعات الضغط وإدارة العملية التي تنتشر فيها أخبار هوليوود وحجب الفضائح منها، وقد حقق نجاحاً مشهوداً للصناعة السينمائية واستعادة ثقة الجمهور فيها وطمأنة الأطراف المعارضة على الرغم من قسوته الرقابية لاحقاً للحد الذي شرع فيه ما يسمى بـ«قوانين هايز» التي تقرر - بجانب الترويج للقيم التقليدية - ما يمنع أيضاً من عرضه مما يتعلق بالجنس والدين والمخدرات والسياسة والعلاقات الدولية والعنصرية والعائلة الأميركية وفكرة الخير والشر وغيرها الكثير من المحذورات، سواء كعرض أم معالجة، مما حدا ببعض المخرجين أحياناً إلى الالتفاف على بعض الممنوعات مثل القبلات الحميمية كما فعل مثلاً المخرج الكبير ألفريد هيتشكوك في فيلم «نوتوريوس» بينما هذه القوانين نفسها وجدت الكثير من المعارضة والسخرية خاصة في الثلاثينات ومع الكساد الكبير والبحث عن المورد المالي حتى عبر أفلام الجريمة والعنف والجريئة، وأصبح من المتوقع خرق مثل هذه القوانين أحياناً حتى قال أحد الكتاب حينها «قانون هايز الأخلاقي لم يعد حتى نكتة؛ فقط أصبح من التاريخ». ومع ذلك فقد استمر القانون نافذاً حتى نهاية الستينات وإن كان جدلياً وبشكل متذبذب حيث تكالبت الكثير من المتغيرات على عدم الاستقرار الصارم مثل الأوضاع الاقتصادية وحاجة الشركات المنتجة للكسب المادي من الجمهور الذي هو أيضاً قد تغيرت ثقافته ونظرته إلى ما يمكن اعتباره فسوقاً أو محتشماً بجانب الأمر الأهم، وهو دخول الأفلام غير الأميركية والأوروبية تحديداً للعرض في صالات السينما التي لا تتبع لشركات الاتحاد، وبالتالي لا يمكن أن تخضع أيضاً للرقابة ذاتها مما أوجد منافسة وجذباً للجمهور الأميركي على حساب الفيلم الأميركي التابع لاتحاد منتجي وموزعي الأفلام في أميركا (والذي أصبح اسمها حالياً: جمعية الفيلم الأميركي MPAA)، والذي اتجه بخطوة ذكية أخرى وفقاً لكل هذه الظروف واستحالة التطبيق الفعلي لقوانين هايز وما تبعها وتحقيقاً للمتطلبات الأساسية لشركات الإنتاج في الصناعة السينمائية وذلك عبر ابتكار (نظام التصنيف) في نهاية الستينات والذي يجعل الرقابة على الأفلام أقل بكثير مما سبق وذلك عن طريق تحديد شريحة المشاهدين الذين يسمح لهم دخول صالات السينما ومشاهدة الأفلام حينما بدأ بأربعة تصنيفات للفيلم هي G, M, R, X حسب محتوى الفيلم ثم تحولت هذه الرموز لاحقاً إلى ما هو معروف الآن ويعمل به حالياً مثل G لجميع الأعمار وPG أي أن بعض مواد الفيلم قد لا تناسب الأطفال وPG-13 أي أنه لا يناسب ما دون الـ13 وN أي أنه موجه لمن هم فوق الـ18. علماً بأن بعض الدول أو الرقابات، ربما تستحدث تصنيفاً مختلفاً بعض الشيء حسب طبيعة مجتمعها، لكن الفكرة الأساسية ذاتها، وهي مدى مناسبة الفيلم لعمر المشاهد.