(سُوزَاني): اسم نوعٍ من التّطريز

• سُوزَاني: استمدّ اسمه من سوزاندوزي، أي التّطريز بالإبرة • سوزاني: تأثّر برموز الحضارات الّتي سادت آسيا الوسطى قبل الإسلام وبعده • سوزاني: هديّةٌ قيّمةٌ متبادلةٌ بين العروسين أنتجت الحضارة الإنسانيّة على اختلاف أممها وشعوبها الكثير من المفردات الّتي باتت جزءاً لا يتجزّأ من التّقاليد الموروثة، وهي كثيرة لا حصر لها. وعبر «زهرة الخليج» أستعرض وإيّاكم تاريخ الأزياء التّراثيّة، وما يرتبط بها من أقمشةٍ وجواهرَ وتطريزٍ وغير ذلك؛ ومن بينها تطريز (سوزاني) الشّهير في آسيا الوسطى، والّذي اهتمّت به قبائل وادي فرغانة الممتدّ بين أوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان، ليعكس أصالة المنطقة، وجمال أرضها وخصوبتها. بين القرنين الـ15 والـ19 ذهبت الشّهرة في إنتاج سوزاني إلى بخارى، وطشقند، وشاهريسابز، ونوراتا، وخوجاند، وبلدات أخرى تقع على طريق الحرير الّذي ربط بين ثقافات أوروبّا وتركيّا والصّين والعالم الإسلاميّ، ثمّ ضيّقت سلطات الاتّحاد السّوفييتي على إنتاجه، وبانهيار الاتحاد بدأ سوزاني استعادة مجده. استمدّ سوزاني اسمه من (سوزاندوزي)، وهو مصطلحٌ فارسيٌّ معناه التّطريز بالإبرة، خصوصاً إذا علمنا أنّ التّطريز يتمّ باستخدام الإبرة والهوك. فتُطرّز خيوط الحرير على قماشٍ قطنيٍّ أو حريريٍّ سادة. ومن الصّين والهند استُوردت تلك الخيوط المصبوغة بألوانٍ طبيعيّةٍ يانعةٍ وغنيّةٍ، متّقدةً كانت أم هادئةً، استُخلِصت من بعض الحشرات كالقرمز الّذي ينتِج الّلون القرمزيّ سيّد الألوان ورمز الرّفاهية، ومن بعض أنواع النباتات والزّهور والثّمار كالزّعفران وقشر الرّمّان والفستق والجوز يتمّ إنتاج تدرّجات الأخضر والأصفر والأزرق والورديّ والّليلكيّ وغيرها. بمختلف الألوان، ما عدا الأزرق الدّاكن والأسود المرتبطين بالخرافات، تطرّز سيّدات وفتيات كلّ أسرةٍ غرزاً بسيطةً وقليلةً وبأشكالٍ مكرّرةٍ على قطع أقمشةٍ تُخاط لاحقاً حسب التّصاميم المُراد إنجازها، كالأثواب والأردية والأغطية والوسائد والسّتائر. وحيث إنّ التّطريزات غير متطابقةٍ أو منتظمةٍ تماماً شكلاً ولوناً؛ فإن القطعة النّهائيّة تتطلّب غرزاً إضافيّة لمنحها مظهراً جذّاباً وأشكالاً متناغمةً، وكلّما كبر حجم القطعة زادت كلفتها، وأيّام العمل فيها الّتي تصل إلى عامٍ أحياناً. والمعروف أن أشكال التّطريز الهندسيّة والنّباتيّة وغيرها تجسّد صورة الكون المثاليّ ودورة الحياة، مع التّركيز على شكل الدّائرة العام الموجود حتماً في كثير من القطع القديمة، والّتي تذكّرنا هنا بالخيامية (قماش السرادق) في مصر. تأثّر سوزاني بالزّرادشتيّة، واهتمّ بالأبراج والكواكب والأقمار، وبعناصر البيئة المحليّة، كأوراق النّباتات، وأزهار الزّنبق والقرنفل والسّوسن، والرّمّان والعنب، والحيوانات والطّيور والأسماك، والخناجر والسّيوف، كما تأثّر بالثّقافة الإسلاميّة على يد العثمانيّين. وتميل التّطريزات إلى التعبير عن الحياة المديدة والفرح والخصوبة والازدهار وكفّ العين الحاسدة، وما يميّزها أيضاً تعمّد إضافة خطٍّ غير مكتملٍ أو عدم إتمام شكلٍ ما، لتذكّر الإنسان أنّ الكمال لله فقط، والثّقافة الإسلاميّة مصدر هذه الفكرة. الكثير من المعاني الجميلة ارتبطت بسوزاني، فقد طُرِّز على ملابس تُرتدى في مناسباتٍ خاصّةٍ، وهو المنقذ للأسرة إذا تعرضت لضائقة ماليّة فتتمّ مقايضته بمواد أخرى، وهو هدية أسرة العروس للعريس، وفي أحيانٍ قليلةٍ يُطرّز قفطانه بخيوط الذّهب. وسوزاني كذلك مهر العروس، وكلّ فتاةٍ أو سيّدةٍ من آسيا الوسطى تتقن سوزاني تكسب احترام وتقدير أبناء مجتمعها. ويبقى حلم كلّ أمٍّ أن تستلهم ابنتها منها محبّة سوزاني، ومعرفة أسراره، وإدراك دلالاته، وإتقان شغله ليكون الفنّ الّذي لا يموت. الشعر: على حريرٍ تُطَرِّزُ أقْمَارَاً وَأطْيَارَا وتَهِبُ الحَيَاةَ بإبْرَتِها لسُوْزَانِي