من الشخصيات المهمة التي ركزت عليها الأعمال الفنية، سواء في السينما أم الدراما، وتحديداً في المسلسلات التي عرضت في رمضان الماضي أو الذي قبله، شخصية ضابط الشرطة، الذي كان قاسماً مشتركاً في العديد من الأعمال التي حققت جماهيرية كبيرة خلال عرضها، ومنها: * مسلسل «كلبش 2» حيث واصل الفنان أمير كرارة تجسيد دور الضابط «سليم الأنصاري». * مسلسل «عوالم خفية» جسد الفنان فتحي عبد الوهاب دور ضابط الأمن الوطني. * مسلسل «رحيم» جسد الفنان إيهاب فهمي دور الضابط الذي يطارد رحيم. * مسلسل «نسر الصعيد» جسد الفنان محمد رمضان دور الضابط «زين». * مسلسل «مليكة» حيث جسد الفنان أحمد العوضي دور ضابط الشرطة. * مسلسل «أمر واقع» جسد الفنان كريم فهمي دور الضابط ومعه زميله الفنان أحمد وفيق. وغيرها من المسلسلات التي لعب فيها الضابط دوراً رئيسياً، فهل التزمت الدراما والسينما المصرية الموضوعية وهي تقدم صورة الضابط، أم أنها مالت إلى تجميل الصورة، أم أنها أساءت إلى دور رجل الشرطة؟

الفن الهادف يجب أن يقدم الواقع بداية، يقول الناقد الفني محمد صالح، إن الفن الهادف والمحترم الذي يقدم رسالة، يجب ألا يكون منحازاً لأي جانب، وعندما يعرض أو يتناول طبيعة أداء مهنة معينة، يجب أن يكون تناوله واقعياً ويقدم الأوجه المختلفة من الصورة ولا يركز على جانب منها، حتى لا يتهم بالمبالغة أو التشويه أو شبهة المجاملة وتزييف الواقع. وقد تناولت الدراما في رمضان على مر السنوات الأخيرة صورة الضابط بالفعل من أكثر من زاوية، فقدم شريف منير دور ضابط المخابرات في مسلسل «الزيبق»، وقدم أحمد زاهر دور ضابط شرطة في مسلسل «الحالة ج»، ناهيك عن أدوار الضباط غير الرئيسية الموجودة ضمن أحداث مسلسلات أخرى. أغلب المسلسلات من صحف الحوادث يرى الناقد محمود قاسم أن الدراما تركز دائماً وبشكل كبير على صورة رجل الشرطة القوي، ذي النفوذ الذي يحارب الفساد ويقبض على المجرمين ويحارب العنف، ولكن عندما حدث تغيير في المجتمع، تغيرت صورته في الدراما، فأغلب المسلسلات المعروضة في السنوات الماضية مأخوذة من صحف الحوادث. «كلبش» و«الحصان الأسود» ساندا الضابط يقول الناقد نادر عدلي، إن الدراما سلطت الضوء على دور الضابط بشكل إنساني، لكنها هاجمته في الكثير من الأحيان أيضاً، مثلما يتم تسليط الضوء على الأطباء والمحامين، سواء من خلال إظهار نواحي الفساد في حياتهم، أم إظهار الأمور الإيجابية فيهم، وسنجد الوضع نفسه مع شخصية الضابط. وحينما ننظر لتجسيد دور الضابط في الدراما الرمضانية في رمضان الماضي، نجدها ساندت هذه الشخصية بشكل كبير للغاية، وهو الأمر الذي لاحظه متابعو الدراما في العالم العربي. مؤلف «كلبش»: لم أقصد الدفاع أو المهاجمة في السياق ذاته، سألنا بعض كتاب وصناع الدراما عن تعليقهم على صورة الضابط في الأعمال الفنية. وبداية يقول باهر دويدار، مؤلف مسلسل «كلبش»: «أنا شخصياً لم أكن متعمداً أن أكون مع ضابط الشرطة أو ضده، لكني أركز على تفاصيل شخصية بعينها، ولست مسؤولاً عن وجهة النظر التي يكوّنها الجمهور تجاه الشخصية، قد يكون لي رأي خاص في (سليم الأنصاري)، مخالفاً للآخرين، فلا أقصد الدفاع عن الداخلية أو مهاجمتها، ولكن وظيفتي الوحيدة تكمن في تقديم نماذج لرجال الداخلية تتنوع ما بين السيئ والجيد، وأرصد كل الجوانب، وأعطي فرصة لكل الأطراف أن تعبر عن وجهة نظرها وليس وجهة نظري فقط. وتناول شخصية الضابط يعد أمراً مقلقاً، فأنا عندما أعمل على شخصية ضابط أجد صعوبة في ذلك الموضوع، لأن هناك حساسية شديدة تجاه الأمر، خصوصاً أن هناك فئة من الشعب تريد أن تتحدث عنه بشكل إيجابي وأخرى العكس، مما يضع أي شخص يتعرض لمنطقة الضابط في حالة حرج». مؤلف «الحالة ج»: نعرض القضية ونترك الحكم ما قاله باهر دويدار يؤكده أيضاً فايز رشوان مؤلف مسلسل «الحالة ج» الذي أشار إلى أن عمله لا يهدف إلى تمجيد شخصية ضابط الشرطة، أو الهجوم عليه، ولكن يقدم نماذج حقيقية موجودة في الواقع، والتحدث عن تفاصيل دقيقة في حياتهم، وليس مجرد القبض على مجرم، فالعمل لا ينحاز لوجهة نظر على حساب الأخرى، عكس بعض الأعمال الدرامية، لكن قصدنا أن نعرض القضية بشكل موضوعي، ونترك للأشخاص الحكم في النهاية. ياسر جلال: الدراما شيء والواقع شيء آخر ومن أبطال المسلسلات، يقول النجم ياسر جلال الذي قام بدور ضابط الحراسات في مسلسل «ظل الرئيس»: «المسلسل هو عمل أكشن اجتماعي تشويقي بعيد عن السياسة، يتناول جانباً من حياة حارس الرئيس، كونه ضابط حراسات خاصة ترك الخدمة منذ 10 سنوات، واتجه للـ«بزنس» بتكوين شركة أصبح لها اسم كبير في السوق، ويتعرض لحادث اغتيال يفقد فيه زوجته وابنه، ويبدأ رحلة البحث عن القاتل، فالحدوتة كلها من خيال المؤلف ليست لها علاقة بالواقع، والدراما التلفزيونية شيء والواقع شيء آخر، وليس هناك شخص مثالي في الحياة بشكل عام، وكل مهنة بها النموذج السيئ وأيضاً الإيجابي». كرارة: كان هدفنا تحسين صورة ضابط الشرطة الفنان أمير كرارة بطل مسلسل «كلبش» بجزأيه، يقول: «استطعنا بهذا العمل دخول حياة الضابط الحقيقية وإبراز دوره بشكل تفصيلي لدرجة أن أحد الضباط كتب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: (إحنا شاكين إنك ضابط حقيقي وتركت الخدمة). وبالفعل كان هدفنا تحسين صورة ضابط الشرطة، ورسمها أنه الملتزم والمجتهد والمحب لعمله ويضحي من أجل بلده، فهناك مقولة سائدة بأن رجال الشرطة سيئون، وهذا تعميم خاطئ». فتحي عبد الوهاب: التناول الموضوعي يقول الفنان فتحي عبد الوهاب: «سبق أن قدمت دور ضابط الشرطة في أكثر من عمل فني، ومنها فيلم «هبوط اضطراري»، ومسلسل «عوالم خفية» الذي جسدت خلاله دور ضابط الأمن الوطني، الذي يقوم بدوره على الوجه الأكمل، ويقدم صورة إيجابية لضابط الشرطة، وعلى الطرف الثاني هناك ضابط الشرطة المتسرع والمتهور، والذي جسده أشرف مصيلحي، وهذا هو التناول الموضوعي لضباط الشرطة، فضابط الشرطة مهنة مثل غيرها، فيها الصالح، وفيها الطالح». السقا: حتى لا تتحول البلد للبلطجية من جانبه، ينفي النجم أحمد السقا الذي قام بدور الضابط في فيلم «المصلحة» أنه حاول تحسين صورة الضابط، ويقول: «تناولنا أمثلة إيجابية لا يعني بالضرورة محاولة تحسين الصورة، بقدر إظهار الجانبين، ولم نظهر ضابط الشرطة في الفيلم على أنه شخص مثالي، بل انتقم لأخيه أخذاً بثأره من شقيق «سالم»، وكنت بعد عرض الفيلم بعثت برسالة إلى الضباط العاملين بجهاز الشرطة دعوتهم فيها إلى الضرب بيدٍ من حديد على يد كل بلطجي حتى لا تتحول البلد للبلطجية».