الحب من الكلمات التي تركت شرح معناها لكل فرد على حدة، فالطالب يرى الحب بصورة مغايرة عما يراها شاب يكبره بالعمر، ومختلف أيضاً عما تراه الفتاة في المراهقة أو الفتاة الناضجة. وشأني شأن الكثير من الكتاب والشعراء ، تراودهم الحكمة أو الفكرة، والرأي بموضوع مختلف عليه، ومن المتعارف عليه أن الحكمة شأن الحكيم، والحكيم لا بد أن يكون كبيراً في السن، من هنا دائماً ما أتردد في الكتابة بالحكمة، ولكن ما أشاهده الآن من الشعراء النبطيين تحديداً، أن عمره لم يتجاوز العشرين ويكتب بالحكمة والأمثال والمعاني الكبيرة في الحياة والموت والصداقة، وفي الصفات السامية كالكرم والوفاء والشهامة. من هنا فكر في أن كل إنسان يضع مفاهيمه الخاصة في الحياة، المفاهيم التي يمارسها ويعيشها بمعنى الحب والصداقة، فلا أحد منا يحتاج إلى كتالوج ليعرف ما هي الصداقة، أو أنه يقلب كتالوج العلاقة الزوجية أو يفتش في قاموس الحب، فكل إنسان يعيش العلاقات كما يفهمها ويريدها لا كما قرأ عنها. هناك كلمات يحتمل معناها الشرح الكثير مثل كلمة سياسة، فما السياسة؟ يمكن أن تقدم بحوثاً كثيراً في تعريف الكلمة، وهناك كلمة مختصرة أيضاً تختزل معاني الكلمة، فكلمة سياسة تساويها كلمة مصلحة، نعم السياسة هي المصلحة، فالسياسي يذهب إلى مصلحة بلده في عمله، يصادق ويحاذر ويعادي ويقرب ويبعد كل العلاقات المرتبطة بالمصلحة، فالسياسي الناجح هو الذي يخدم مصالح بلده بشكل أفضل. ونعود إلى عنوان المقال، فهل هناك كلمة واحدة تعبر عن الحب بكل معانيه، لا أعتقد ولكن لا يمنع ذلك من الاجتهاد، فمن خلال المرور على حالات كثيرة معيشة، أو حالات مشاهدة في التلفزيون أو مقروءة في الكتب أو مسموعة، أكاد أكون على قناعة بأن الحب هو الثقة. نعم لا حب يعيش بلا ثقة، وبالثقة يزدهر الحب، سيقول البعض إن هناك حالات كثيرة تعبر أو تكون سبباً للحب، ونقول أيضاً إن هناك حالات كثيرة في السياسة، ولكن المصلحة عنصر مهم فيها، وكذلك الحب هو الثقة بكل أبعادها، حتى أكاد أجزم بأن الثقة إذا انعدمت لن يكون هناك أي أثر للحب. نحتاج أولاً أن نعي أبعاد الثقة، ونعرف دلالاتها على الطرف الآخر لنعرف أن الحب يحتاج إلى تلك الأرض الخضراء في القلوب لينمو، ففي كل حالة حب حقيقية هناك ثقة زاخرة في القلوب، فالحب لا يعيش بالشك والخوف والحذر، والثقة هي المبدد لكل تلك المخاوف، فحين يحب الإنسان يأمن على جسده وماله واسمه وسمعته عند من يحب، وحين تهتز الثقة فلن يأمن على شيء عند من أحب، فثقوا حين تحبون، وبمن تحبون ثقوا.

سنكسرُ آخرَ الأقداحِ لا تسأل عن الباقي وقل كان الهوى يوماً أسير عناقنا الراقي فدعني في فم الهجران دع خوفي لأعماقي *** ودع ذنبي لما يرضى وزد عنفي وإخفاقي فهل أبصرت أحزاني وهل لامست أشواقي كأن الله لا يرضى سواها فوق أحداقي