لا بد أن يكون الحديث عن المرأة في السينما السعودية يتراوح بين وجودها الذاتي كمخرجة - عبر أبرز الأسماء الفاعلة والمؤثرة - وبين وجودها كموضوع - نسوي - لعدد من الأفلام السعودية من قبل المخرجين إجمالاً نساءً ورجالاً لكنني هنا سأقتصر على سردية تاريخية لأبرز الأسماء النسائية الموجودة بفعالية حالياً، والتي كانت قد بدأت الإخراج في مرحلة الصناعة الفيلمية الأولى في السعودية منذ منتصف العقد الأول من هذه الألفية، حيث كانت المخرجة هيفاء المنصور البداية الفعلية لمسيرة المرأة السعودية في الإخراج السينمائي، وهي الأشهر من بين المخرجين السعوديين إجمالاً، ليس بسبب بداياتها المبكرة نسبياً فحسب وإنما استمرارها في مسيرة الإخراج السينمائي وصولاً لعالم هوليوود حينما قدمت عام 2017 فيلم Mary Shelley. بينما بدأت هيفاء أول أفلامها عبر فيلمها القصير «من؟» ثم «الرحيل المر» و«أنا والآخر» و«نساء بلا ظل» الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مسابقة أفلام الإمارات، و«الخنجر الذهبي» في مهرجان مسقط السينمائي حول وضع المرأة السعودية ووجودها في الفضاء الاجتماعي العام. إلى أن تقدم عام 2012 إنجازها الأكبر والأهم من خلال فيلمها الروائي الطويل «وجدة» الفائز بجائزة المهر العربي في «مهرجان دبي السينمائي»، وهو دراما اجتماعية بمزيج كوميدي حول أحلام طفلة في امتلاك دراجة هوائية وقيادتها في الشارع وسط إسقاطات اجتماعية متعددة تقدمها المخرجة هيفاء. وكانت المخرجة المميزة عهد كامل قد تواجدت في فيلم هيفاء بدور رئيسي في فيلمها «وجدة» كممثلة رائعة استطاعت مؤخراً عام 2018 أن تحقق إنجازاً مهماً حينما شاركت في تمثيل دور مهم في المسلسل البريطاني Collateral بجانب النجمة كاري موليغان، لكن عهد كامل قبل ذلك كانت قد قدمت نفسها كمخرجة متميزة منذ عام 2009 بفيلم قصير بعنوان «القندرجي» من بطولة المصري عمرو واكد وهو الفيلم الذي فاز بالمركز الثاني كأفضل فيلم قصير في «مهرجان الخليج السينمائي». قبل أن تكرر هذا الإنجاز مرة أخرى حينما فاز فيلمها الأخير «حرمة» بالمركز الثاني أيضاً في دورة 2013 وذهبية «مهرجان بيروت السينمائي» في دورته الثالثة عشرة، حيث يحكي الفيلم بحس إخراجي مميز قصة امرأة يموت عنها زوجها وهي حامل لتبقى وحيدة تصارع من أجل بقائها وتحسين معيشتها وسط إجحاف القانون ومطامع الآخرين حولها. ويزامن تلك الفترة مخرجة مختلفة في رؤيتها الفنية وهي ريم البيات والتي كانت موجودة أيضاً مع بدايات الصناعة الفيلمية النسائية أواخر العقد الأول، حيث كانت قد بدأت أول أفلامها «ظلال» عام 2008 مشاركة حينها في «مهرجان الخليج السينمائي» في دبي، لتتوجه بعدها بفيلم ذي طابع تجريبي مثير حينما اعتمدت أكثر من 5000 صورة فوتوغرافية لتكوين فيلم قصير مدته 6 دقائق بعنوان «دمية» حيث يتناول الفيلم في إسقاطة ذكية وحادة موضوعاً مؤلماً حول زواج القاصرات! ومن عالم الكتابة الفنية والنقدية في الصحف والمجلات وكتابة النصوص الدرامية تأتي المخرجة هناء العمير لتقدم أول أفلامها عام 2009 بفيلم وثائقي مفعم بالموسيقى بعنوان «بعيداً عن الكلام» ترصد فيه زيارة فرقة أرجنتينية تعزف التانغو للرياض ولقاءها بفرقة غنائية سامري من عنيزة قبل أن تعود هناء مرة أخرى لإخراج أول أفلامها الروائية القصيرة بعنوان «شكوى» والحاصل على الجائزة الأولى «النخلة الذهبية» كأفضل فيلم في «مهرجان الأفلام السعودية» عام 2015، حيث يحكي الفيلم قصة امرأة موظفة تتداخل في حياتها مشاكل وضعها المهني وحياتها العائلية ليخلق لديها ارتباكاً نفسياً ربما يؤثر فيها باتخاذ قراراتها، وكانت هناء قد أحدثت تعاوناً ناجحاً مع المخرجة هند الفهاد في كتابة سيناريو فيلم «بسطة» 2015 للمخرجة هند بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم خليجي قصير في «مهرجان دبي السينمائي» فيما تستعد حالياً المخرجة هند الفهاد لفيلمها الجديد «شرشف» الذي يأتي كرابع أفلامها بعد «ثلاث عرائس وطائرة ورقية» عام 2012 ويتحدث عن تنميط المجتمع للمرأة وتحديد فرص تطلعها المستقبلية، وفيلم «مقعد خلفي». في عام 2014 يبرز أيضاً اسم شهد أمين حينما فاز فيلمها «حورية وعين» بجائزة أفضل فيلم وأفضل تصوير في «مهرجان أبوظبي» في «مسابقة الأفلام الروائية القصيرة» ويحكي الفيلم في دراما فانتازية جميلة قصة الفتاة الصغيرة حنان التي تعيش مع والدها الصياد على ساحل البحر لتكتشف أنه يقوم بصيد الحوريات لانتزاع اللآلئ منها! المخرجة شهد أمين خريجة معهد متروبوليتان الفني في لندن كانت قد درست أيضاً كتابة السيناريو في نيويورك كانت قد بدأت أول أفلامها «موسيقانا» ثم «نافذة ليلى» عام 2012. وفيما بدأت المخرجة هناء الفاسي التي كانت قد تخرجت سابقاً في أكاديمية فنون وتكنولوجيا السينما لرأفت الميهي في مصر أولى تجاربها الفعلية مع فيلم تجريبي قصير بعنوان «جاري التحميل» ثم «السحور الأخير»، ثم الفيلم الأكثر درامية وملامسة اجتماعية «حلاوة» عام 2017 والذي شارك في مسابقة المهر الخليجي القصير في «مهرجان دبي السينمائي»، حيث يحكي الفيلم قصة فتاة تصل لسن البلوغ لتضطر إلى إخفاء الأمر عن عائلتها حتى تتجنب ارتداء الحجاب وتغطية وجهها!