كاركارودونتوسوريس.. هذه ليست تعويذة مشعوذ لفكّ السحر وجلب الحبيب، بل اسم محترم لديناصور عملاق عاش على كوكب الأرض قبل أكثر من تسعين مليون سنة، وكان يفترس ما لذّ وطاب من اللحوم التي تقع بين يديه، قبل أن ينقرض مع الذين انقرضوا، ويفسح المجال لظهور كائنات أخرى، بينما لم يتبقّ من ذكراه ربما إلا الضب الذي يحاول أن ينجو من حفلات الشواء في صحراء شبه الجزيرة، أو الوزغة - وفي رواية أخرى الطيطار أو البريعصي - والتي طوّرت نفسها مع الزمن لتصبح أكثر سرعة ورشاقة كي تتفادى ضربات النّعال المباغتة من الطامعين في كسب مئات الحسنات. ماذا لو بُعث كاركارودونتوسوريس من جديد في عالمنا؟ من هنا تنبع الإثارة في السلسلة التي بدأت في عام 1993 تحت اسم Jurassic Park، حيث يتم استنساخ الحمض النووي لكائنات منقرضة قبل ملايين السنين، لإعادتها للعالم مجدداً في حديقة ضخمة تهدف إلى جذب الزوار والسائحين، وبعد ثلاثة أجزاء سابقة؛ أُعيد إنتاج السلسلة باسم Jurassic World وصدر الجزء الأول في 2015 والثاني في 2018. يبدأ الفيلم بمعضلة تؤدي إلى جدل كبير، فهناك بركان على وشك أن يثور على الجزيرة التي تضم كافة فصائل الديناصورات، مما يهدّد بفنائها، فيسعى كلٌّ من (كلير) و(أوين) - وهما البطلان من الجزء الأول - إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويخوضان مغامرةً تقودهما إلى اكتشاف أسرار خطيرة. (هذه الكائنات لا تحتاج إلى حمايتنا، بل تحتاج إلى غيابنا) يقول أحد شخصيات Jurassic World: لعل السؤال الأخلاقي الأبرز في الفيلم هو: هل يجدر بالبشر أن يتدخلوا لإنقاذ الديناصورات، أم يتركوها لتواجه مصيرها الطبيعي الذي واجهتْه قبل 65 مليون سنة؟ فعلى ما يبدو أن الإنسان والديناصور لا يمكنهما التعايش معاً نظراً للهوّة الزمنية السحيقة بينهما، مما يجعل فضولنا تدميرياً تجاه كائنات لم يصلنا منها سوى أحافيرها الضخمة. هناك أيضاً مسألة البقاء للأقوى، حيث يذكّرنا أحدهم بأن الديناصورات كانت موجودةً من قبلنا، وإن لم نكن حذرين كفاية فستكون موجودةً بعدنا.. وهنا يحضرني على الفور فيلم Planet of The Apes حيث الصراع الوجودي بين البشر والقردة. الإثارة تبدأ مبكراً في هذا الجزء من Jurassic World على عكس الجزء السابق الذي كان يتّسم بالحذر في بدايته مع التمهيد لذروة الحدث. وعلى الرغم من الإخراج المتفوق والتقنيات البصرية المتطورة؛ إلا أن النعاس انتابني مع مرور الساعة الأولى، لأن الإفراط في (الأكشن) يصيبني بالملل والبلادة ويجعلني أُخرج هاتفي في منتصف الفيلم لأتصفح تويتر وسناب وأنسحب من مجموعات الوتساب وأتسلى بحذف الصور المكررة من ألبوم الكاميرا، بينما لا زالت تجري على الشاشة مصارعة حرة بين ديناصور إيلسوروس وأكروكونثوسوريس. أكثر ما أعجبني في الفيلم نهايته، ولن أُفسدها عليكم بالطبع، لكنها ذكية وتقود إلى عصر جديد، وتفتح باب الاحتمالات على مصراعيه، ومن دونها فإن هذا الجزء يكاد يكون عادياً ومستهلكاً، ولا شيء فيه يلفت الانتباه باستثناء الإطلالة الجميلة لـ(برايس دالاس). وما زال الجزء الأول من السلسلة القديمة في عام 1993 هو الأفضل في رأيي، وكيف لا وهو من إخراج الرائع (ستيفن سبيلبيرغ). (الديناصور.. ببابنا الديناصور.. عدونا) ما زلت أتذكر من طفولتي هذه الكلمات من أغنية المقدمة لمسلسل كرتون الرجل الحديدي، ويبدو أننا منذ اكتشفنا آثار الديناصورات ونحن نتحرّق شوقاً للصراع معها، على الرغم من أنني أظن بأنهم إذا ظهروا مجدداً فسنحلف عليهم ثلاثاً بأن يعتبروا الكوكب كوكبهم ونلوذ نحن بالفرار إلى مستعمرة مريخية أو نُلاقي وجه ربنا. تذكرة لي ولكم بمناسبة الحديث عن الديناصورات؛ هنا خمسة أفلام أوصي بها لمن يحب القصص التي تدور حول الصراع بين الإنسان وكائنات أخرى: - Alien (1979) - Pacific Rim - Planet of The Apes - Cloverfield - The Thing