حينما تُعرّف سمو الأميرة سارة آل سعود بنفسها، تختصر بردٍّ مقتضب: «أشغل حالياً منصب مدير تنمية الأعمال البحرية، في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في الإسكندرية، إحدى المؤسسات التابعة لجامعة الدول العربية». وهي أيضاً «ضابط بحري ثانٍ لأعالي البحار» على متن السفينة (عايدة 4)، وكانت قد حصلت على درجة بكالوريوس في تكنولوجيا الملاحة البحرية والنقل البحري من الأكاديمية. • لا تزالين تُتابعين دراستك الأكاديمية. فهل تحصلين على الدعم؟ - نعم. أنا أحضّر حالياً للدراسات العليا في تكنولوجيا الملاحة البحرية والنقل البحري، وذلك بعد حصولي على الدعم الكامل من دولتي الحبيبة المملكة العربية السعودية، والمغفور له بإذن الله تعالى، والد الجميع، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (طيَّب الله ثراه)، لأكون أول سيّدة سعودية مبعوثة في هذا القسم، وأول فتاة يتم قبولها للانضمام إلى هذا القسم، بعد أن كان مَنُوطاً بالبنين فقط. الأولى خليجياً • تعملين مِن موقعكِ على تعزيز التعاون بين الدول العربية في المجال البحري؟ - في الواقع، أشارك حالياً في التخطيط الاستراتيجي لتعزيز التعاون بين المملكة العربية السعودية والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إضافة إلى دمج المسهمين في الصناعة البحرية بين الدول العربية وممثل الأكاديمية العربية في دول الخليج. كما أنني سفيرة «ويستا»، وهي اختصار للمنظمة البحرية والتجارية النسائية لبلدي الثاني دولة الإمارات العربية المتحدة، لإيماننا بأهمية تمكين المرأة في الصناعة البحرية. • أنت أول فتاة عربية تُقرّر دراسة مجال الملاحة البحرية Navigation، لتكوني أول قبطان بحري من الجنس اللطيف في منطقة الخليج العربي. لماذا هذا القرار؟ - كنت محظوظة في أن أكون الأولى خليجياً. جاء هذا القرار جرّاء عشقي وحُبّي للفلك، والأجهزة، والعمل اليدوي، وتوافُر العوامل الكافية في شخصيتي بما يتناسب مع حياة البحر، إضافة إلى شغفي لتغيير الصورة النمطية الاحتكارية للقُدرات والمهن لجنس دون آخر. والمسألة بحسب مفهومي تقوم على الفوارق والقدرات الفردية، حيث إننا نُطالع أعمالاً يقوَى عليها رجل دون سواه من الرجال، والعكس صحيح. • هل غيّر أو أضاف هذا الشغف الذي تتحدثين عنه إلى شخصيتك؟ - أكسبني هذا الشغف الصبر اللازم لترك الحياة الشخصية والتفرغ لهذا النوع من العمل، والدراسة شبه العسكرية والسفر المتكرر. وكما هو معروف، نادر هو وجود العنصر النسائي في المجتمع البحري بشكل عام، وهذا بالتحديد شكّل تحدّياً لي، وأسهم في صقل خبراتي وشخصيتي إلى حد كبير. في النظام • كيف كانت هذه التجربة؟ وكيف تعامل الأساتذة وطلاب الأكاديمية معك؟ - كانت تجربة رائعة مليئة بالتشويق، ونقطة تحول مهمة في حياتي، أسهمت في تشكيل شخصيتي والتي لها الفضل الأكبر فيما أنا عليه الآن. لقد تعامل جميع زملائي وأساتذتي معي بكامل الاحترام والتقدير ومن دون أي تمييز، ولم أشعر بأنني أختلف عنهم لأن معظمهم، لاسيّما في السنوات الدراسية الأولى، لم يكونوا على علم بهويتي، وهكذا تمحور الاختلاف فقط حول كوني الطالبة الوحيدة في صفوف الطلاب الشباب. • ألم تحصلي على استثناء في موضوعي السكن والزّي الرسمي للطلبة؟ - مطلقاً. لقد سكنت في سكن الطالبات الداخلي الإلزامي في السنتين الدراسيتين الأولى والثانية، والتزمت بالزي الرسمي للطلبة. ليس هناك استثناء في النظام شبه العسكري، وقمت بالواجبات تماماً بحسب ما يتطلب هذا النظام. حواجز وهميّة • هل من السهل على الفتاة أن تخوض غمار هذا التخصص؟ - على الصعيد الشخصي، كانت التجربة بالتأكيد نقلة نوعية أسهمت في تعزيز شخصيتي وما أنا عليه اليوم، فأصبح لديّ إيمان أعمق وأكبر بأن الفروقات بين الجنسين هي مجرد حواجز نفسية وخيالات وهمية، فما أنا سوى فتاة عادية وبقليل من الدعم أصبحت قبطاناً، وبالتالي أرى أنه مع القليل من الدعم للمرأة السعودية، تصل إلى عنان السماء. لا مستحيل مع أبينا وملكنا وولي العهد وحكومتنا، حفظهم الله، جميعاً. أؤمن بشدّة بالرؤية المستقبلية للمرأة، وأتمنّى أن أكون سبباً في تغيير نظرتها المحدودة لنفسها. فاليوم، لا قيود تقيدها إلا ما تضعه هي أمام نفسها. • تعملين اليوم في مجال اختصاصك. ماذا بعد؟ - نعم أعمل في مجال اختصاصي، وأتمنّى أن أتمكن من النمو والتطوير من نفسي، وسأبقى على شغفي إلى أن أحصل على رسالة الدكتوراه وأعود لخدمة بلادي. • تشتهرين بحُبّك للأناقة والأزياء. فما حقيقة علاقتك بهذا الموضوع؟ - كما بقية النساء، ما أصبحت الصحة الداخلية والوجدانية والروحية والعقلية على وفاق وتحقق فيها التوازن، حتى توالت الأمور الأخرى تباعاً. فالأناقة حالة عامة للسيدة، وأنا بطبعي مُحبّة للأناقة لا أكثر.