يشهد يوم 24 يونيو الجاري، حدثاً تاريخياً في المملكة العربية السعودية بقيادة المرأة في السعودية للسيارة، بعد فترة حظر دامت عقوداً. وسيكون عيد السعوديات هذا العام عيدين، بعد أن أصبح في مقدورهن تشغيل سياراتهن والتجوّل في الشوارع والطرق الرئيسية. ولا يزال عدد من النساء في الرياض غير مصدّقات أن هذا الأمر تم بين ليلة وضحاها، وأن في مقدورهنّ الاستغناء عن السائقين الأجانب الذين يكلفون ميزانية الأسر مليارات الريالات. تستعرض «زهرة الخليج» مراحل مهمة من بدء إعلان القرار إلى يوم حصول أول سعودية على رخصة قيادة السيارة. ليلة سعيدة للنساء ليلة 27 سبتمبر 2017 التي شهدت أوامر مَلكيّة لم تمضِ كأي ليلة على العائلات السعودية، بل إن النساء لم يخلدن للنوم حتى ساعات الصباح الأولى، بعد البشارة التي زفّها الأمر السامي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بالسماح بإصدار رخص قيادة للسيارات للنساء في السعودية، واعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخص القيادة. وأشار الملك سلمان في قراره حينها، إلى ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، والإيجابيات المتوخّاة من السماح لها بذلك، مع مُراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيّد بها، كما أشار أيضاً إلى ما رآه أغلب أعضاء هيئة كبار العلماء بشأن قيادة المرأة للمركبة، من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأن مرئيات من تحفظ عليه، تنصبّ على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل إلى يقين ولا غلبة ظن، وأنهم لا يرون مانعاً من السماح للنساء بقيادة المركبة، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة لتلافي تلك الذرائع، ولو كانت في نطاق الاحتمال المشكوك فيه بحسب القرار. احتفاء عالمي بقيادة السعوديات حظي قرار السماح للسعوديات بقيادة السيارة، الذي صدر في سبتمبر الماضي، بردود أفعال دولية وكان العنوان الرئيسي لكبريات الصحف في العالم، وعلّق عليه عدد من نجوم الفن والسينما والهيئات الدولية، وكان أول المهنئين النجمة العالمية ريهانا، التي هنّأت السعوديات بقرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، وقالت عبر حسابها في انستجرام: «أحببتُ تَقدّم المرأة في السعودية وقدرتها الآن على قيادة السيارة». وكان من ضمن المهنئين أيضاً إيفانكا ترامب، التي علقت عبر حسابها في «تويتر» قائلة: «اليوم كان تاريخياً للنساء في #السعودية، بعد قرار رفع الحظر على قيادة المرأة». كما رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بقرار المملكة، بتغريدة نشرها عبر حسابه الخاص قال فيها: «أرحّب بقرار المملكة العربية السعودية برفع الحظر عن السائقات، خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح»، بينما وصفت الفنانة الإنجليزية دوا ليبا القرار بأنه خطوة نحو المساواة. أول مدرسة تعليم قيادة للنساء تفاعلت الجامعات مع قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، ومن أولى الخطوات التي تمّت في هذا الصدد، دعوة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض (أكبر جامعة نسائية في العالم)، الراغبات في تعلم القيادة، إلى التسجيل في برنامج التدريب على قيادة المركبات، تمهيداً لاستصدار رخص قيادة لهن. وأوضحت الجامعة في بيان لها نُشر على موقعها الإلكتروني، أن المدرسة السعودية لقيادة المركبات هي أول مدرسة تتولى تدريب السيدات على القيادة الآمنة في منطقة الرياض، وتم تأسيسها بالشراكة مع «معهد الإمارات للسواقة» في دبي، الذي يُعد بيت خبرة لتعليم قيادة المركبات في المنطقة. وأضافت الجامعة أن المدرسة تتميز بالخبرة في التدريب على قيادة المركبات مع الحرص على ضمان السلامة في الطريق، كما أنها واحدة من كبرى المدارس التدريبية للمدربين على قيادة السيارات في المملكة، وتهدف إلى تعليم مهارات القيادة الآمنة، وتأسيس ثقافة الأمان في قيادة المركبات، وبعد خطوة جامعة الأميرة نورة توالت الخطوات في السياق ذاته في عدد من الجامعات الحكومية في المملكة، وتم فتح مراكز تعليم قيادة نسائية في مختلف المناطق، وتفاعلت مع هذه الخطوة آلاف السعوديات، مما حدا بهذه الجهات إعطاء مواعيد لهن تصل إلى أسابيع، وبلغت رسوم تعليم القيادة (2500) ريال سعودي، أي ما يعادل (667) دولاراً أميركياً. مدير المرور: جاهزون لاستقبال النساء أكد مدير الإدارة العامة للمرور في السعودية، اللواء محمد بن عبد الله البسامي، أن إدارات المرور في المملكة جاهزة لاستقبال النساء، وقال: «تمّت تهيئة جميع متطلبات قيادة المرأة للمركبات، والتي تشمل قدرتها على مراجعة إدارات المرور في الحالات التي تقتضي ذلك، وترتيب متطلبات التعامل مع كل ما يترتب من مسؤوليات نظامية على قيادة المرأة للسيارة». وبسؤاله عن السعوديات اللاتي يحملن رخص قيادة أجنبية، قال البسامي: «تم تجهيز (21) موقعاً لاستبدال الرخص الأجنبية المعتمدة في المملكة برخص قيادة سعودية، وذلك في الرياض، الدمام، الأحساء، الجبيل، بريدة، عنيزة، حائل، تبوك، جدة، الطائف، مكة المكرمة، المدينة المنوّرة، أبها، عرعر، جيزان، نجران، الباحة، القريات، سكاكا». وبيّن أن جميع الصالات والميادين المذكورة مجهّزة لاستقبال طالبي الاستبدال، وسيتم التأكد من صحة الرخصة ومدى قدرة من ترغب في استبدالها على القيادة. وعن قدرة المرأة على العمل في قيادة سيارات الأجرة بعد حصولها على الرخصة، أجاب البسامي: «الأمر السامي الكريم نص على تطبيق النظام المروري ولوائحه على الذكور والإناث على حد سواء، وفي ضوء ذلك فإن للمرأة العمل في قيادة سيارات الأجرة، والمشاركة في خدمات الأجرة الخاصة التي تعتمد التطبيقات الإلكترونية في تقديم خدماتها، مع مُراعاة نوع الرخصة التي تتطلبها قيادة كل نوع من هذه الخدمات». ولفت في سياق حديثه إلى أنه يتم تدريب عدد من العناصر النسائية للمشاركة في الأعمال الإدارية والميدانية وسيكون لهنّ دور فاعل في المرحلة المقبلة. أول سعودية تحصل على رخصة قيادة سجلت السعودية أحلام الثنيان نفسها كأول سعودية تحصل على رخصة قيادة السيارة من إدارة المرور في المملكة، وكان يوم 4 يونيو يوماً مهماً في مسيرة تمكين المرأة السعودية، وواكب تسليم الثنيان رخصة القيادة من مدير مرور الرياض، العميد عبد الرحمن الخرصان، تفاعل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي التي احتفت بها. بدورها علقت أحلام الثنيان عبر حسابها في تويتر، قائلة: «شكراً للملك سلمان الداعم الدائم لتمكين المرأة، وشكراً لوليّ عهده الأمين محمد بن سلمان.. الحلم أصبح حقيقة، اللَّهُمَّ لكَ الحمْد والشكر».