لم يكن المخرج المصري وعضو مجلس النواب خالد يوسف يتوقع بعد غياب سبع سنوات عن إخراج فيلم سينمائي، سيصاب بخيبة أمل جراء صدمته بقرار منع عرض فيلمه الجديد «كارما». ولكن بعد ساعات عصيبة مر بها، وبعد حملة دعائية كبيرة جهز لها شملت معظم وسائل الإعلان، لدرجة أن «أفيشات» الفيلم ملأت الطرق والجسور في القاهرة والإسكندرية والأقاليم، تنفّس خالد الصعداء، وتم إلغاء قرار المنع، وأقيم عرض خاص لـ«كارما» داخل إحدى دور سينما مدينة 6 أكتوبر، شاهدنا فيه خالد يوسف وزوجته السعودية شاليمار شربتلي، في مقدمة مستقبلي أبطال الفيلم: عمرو سعد، زينة، غادة عبد الرازق، خالد الصاوي، ماجد المصري، إيهاب فهمي، سارة نخلة وآخرين. كما حضر العرض للتهنئة بعض رجال السياسة وعدد من الإعلاميين والفنانين. أزمة كادت تعصف بالفيلم وكان فيلم «كارما» قد تعرض لأزمة كبيرة كادت تعصف بظهور العمل للجمهور، بسبب سحب الرقابة الفنية ترخيص عرضه، وذلك قبل العرض الخاص بيوم واحد، وتم حل تلك الأزمة عقب مفاوضات مكثفة مع الرقابة على المصنفات الفنية، وبعض المسؤولين من وزارة الثقافة، وانتهى الأمر بتدخل وزيرة الثقافة د.إيناس عبد الدايم، لتصدر إدارة الرقابة قراراً رسمياً بعرض الفيلم من دون حذف أي مشاهد منه وعرضه ضمن سباق أفلام عيد الفطر، علماً بأن الرقابة على المصنفات الفنية عندما اتخذت إجراء بسحب تراخيص الفيلم لم تكشف عن أسباب ذلك، هذا رغم حصول الفيلم على تصريح بالعرض من تاريخ 30 إبريل الماضي. استقالات واعتداء وتعنت وكان الوسط السينمائي المصري قد شهد حالة من الاستياء بعد قرار سحب تراخيص فيلم «كارما»، وقدّمت لجنة السينما استقالة جماعية على خلفية القرار، أكدت فيها أن ما حدث لـ«كارما» يعد واقعة غير مسبوقة، ويعتبر اعتداء على حرية الرأي وتعنتاً من جانب السلطات، وعدم تقدير لدور الفن ورسالته في المجتمع، وناشدت اللجنة تدخل وزيرة الثقافة، والحكومة لمنع مثل هذه الاعتداءات على حرية الرأي والإبداع الفني حتى لا تكون مثل هذه الواقعة نهجاً جديداً في طريق يمثل اعتداء غاشماً على القانون والدستور، كما طالبوا بتدخل القيادة العليا للدولة لوقف مثل هذه التصرفات التي لا تتفق مع مناخ حرية الرأي والإبداع الذي شهدته البلاد في عهد الرئيس السيسي، وأشاروا إلى أن صناعة السينما بصفتها إحدى دعائم القوى الناعمة المصرية تتعرض لكارثة محققة على المستويين المهني والصناعي إن لم تتدخل القيادة لحماية الصناعة السينمائية الفنية ودعمها، وحماية حق الفنان والمثقف في التعبير بحرية عما يراه الأفضل لوطنه ومجتمعه. وقد هددت اللجنة بتقديم استقالة جماعية حتى تتم مناقشة أسباب ما حدث ووضع خارطة طريق لدعم حرية السينمائيين ومنع أسباب انهيار الصناعة التي طالما امتلكت مصر الريادة فيها، كما طالبت اللجنة نقابة السينمائيين بعقد اجتماع طارئ للجمعية العمومية للسينمائيين لمناقشة أوضاع الحريات الرقابية وأحوال صناعة السينما. أزمة في البرلمان المصري أثار أيضاً قرار عدم السماح بعرض فيلم «كارما» وسحب تراخيصه، قبل أن تحل الأزمة نفسها، حالة من الاستياء داخل البرلمان المصري، حيث تقدم عدد من النواب باستجواب عاجل لمناقشة قرار المنع. وبدأت الأزمة عندما أكد النائب أحمد الشرقاوي، عضو «تكتل 25-30» الذي ينتمي إليه المخرج خالد يوسف أن ما قامت به المصنفات الفنية يؤكد عدم وجود حرية في الرأي والتعبير، قائلاً: «وُجهت إلينا كنواب دعوة من النائب خالد يوسف لمشاهدة الفيلم في العرض الخاص، وقبل العرض بيوم جاء هذا القرار»، مؤكداً أن هذا القرار جاء «تصفية حسابات مع النائب خالد يوسف»، بحسب قوله، لكن السؤال هنا: من حاول تصفية الحسابات مع خالد يوسف؟ ولماذا؟ في المقابل قال علي عبد العال رئيس مجلس النواب: «نحن دولة مؤسسات»، في إشارة إلى عدم تدخله في الأزمة، ومع زيادة اعتراضات أعضاء التكتل وصياحهم في القاعة، تعهد عبد العال بأن يتدخل ليعرف أسباب هذا القرار. انتصار حرية الفكر بعد تراجع الرقابة عن قرارها بسحب تراخيص فيلم «كارما» قبل يوم من عرضه، اعتبر النائب هيثم الحريري عضو «تكتل 25-30» أن انتهاء الأزمة يعد انتصاراً لحرية الفكر والتعبير. وقال الحريري: «إن أزمة الفيلم أكدت أن الشعب المصري يمرض ولا يموت، وأنه في بعض المواقف تجتهد القوى المستنيرة للتمسك بخيط ضعيف للحريات، ومن ثم تنجح في تحقيق أهدافها»، مشيراً إلى أن هذا النجاح لا يحسب فقط للتكتل ولكن لعدد كبير من النواب الذين تضامنوا مع الأزمة، ووقعوا على طلب لرفض سحب الفيلم، بعيداً عن شخصنة الأزمة. تصريح خالد يوسف قال مخرج «كارما» خالد يوسف في تعليق على انتهاء الأزمة، إنه حصل على ترخيص جديد للبث بـ«التفاهم». وأضاف: «يسعدني أن أبلغ كل المهتمين بـ«كارما»، أن الأزمة انتهت وألغي القرار السابق من الرقابة من دون حذف أي لقطة منه، وشكر خالد، مؤسسات الدولة التي تدخلت لحل الأزمة، ووزيرة الثقافة، ورئيس البرلمان المصري، و«تكتل 25-30»، ووجه تحية للجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، متمنياً أن يليق الفيلم بوقت المتابعين. نجوم وشخصيات في الفيلم يناقش «كارما»، الذي ألفه وأخرجه خالد يوسف، العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، في إطار درامي اجتماعي، من خلال قصة شاب مسلم يتعلق بحب فتاة مسيحية ويتزوجها. كما يعالج الفيلم بشكل درامي كيف يتدخل رأس المال في إدارة شؤون الدولة، حيث يكون لرجل أعمال علاقة وثيقة في قضية فساد كبيرة. ويظهر عمرو سعد في أحداث «كارما» بشخصيتين، الأولى: شاب يعيش مع والدته دلال عبد العزيز في حارة شعبية بمنطقة بولاق، ومتزوج من زينة، التي تجسد دور «مدينة»، ديانتها مسيحية خلال الأحداث، بينما الشخص الآخر الذي يجسده عمرو هو ملياردير ورجل أعمال معروف ومشهور، ويقع في غرام مديرة أعماله، التي تجسد دورها النجمة غادة عبد الرازق وتدعى «نهلة». بينما يجسد النجم خالد الصاوي دور طبيب نفسي صوفي، وفكرة الطبيب النفسي التي بها خط صوفي لم تقدم من قبل في السينما. ويجسد الفنان حسن الرداد شخصية وكيل نيابة، يقوم بالقبض على عمرو سعد، ويحقق معه في قضية يكشف عنها ضمن الأحداث.