برسوم ساخرة وإضاءة ناقدة، يكشف الفنان السوري حسن أدلبي، أحد أبرز رسامي فن الكاريكاتير في العالم العربي، عن تناقضات الواقع، فيهدي للمتلقي حالة من الدهشة والوعي بممكنات التغيير، في هذا الحوار معه المزيد عن تجربته. • من أي زاوية يُقارب فن الكاريكاتير الواقع؟ - علاقة الفنون عموماً بالواقع علاقة حتمية، لا يمكن أن تولد الفنون من الفراغ، وفن الكاريكاتير هو الأقرب إلى الواقع، لأنه يقوم على نقده وتصويبه عبر الأفكار والخطوط والألوان. فالواقع هو أتون الفنون وخاصة الكاريكاتير، لأنه يقوم على نقده وتسليط الضوء على السلبيات ومحاولة التصويب قدر الإمكان. • ما الأفق الذي يحتاج إليه الفنان كي يصبح «كاريكاتيرست»؟ - مواصفات فنان الكاريكاتير هي أن يكون رساماً يمتلك أدواته، وأن تكون له عين الصقر في مُراقبة الأشياء المحيطة به، ولديه سرعه بديهة بصريّة تساعده على الانقضاض على الخطأ، وتقديمه بصياغة مختلفة يُدخل الخيال والفن، بأبسط الأشكال وأعمقها عبر الخط واللون وأحياناً الكلمة للضرورة. • هل أضافت التكنولوجيا إلى الرسم الكاريكاتيري، أم أفقدته بريقه؟ - التكنولوجيا أثّرت كثيراً إيجاباً في الفنان صاحب الخيال، وسلباً لأنصاف المواهب وأرباعها، حيث يعتقدون أن الكمبيوتر يصنع المعجزات ويجعلهم فنانين يتصدرون الصحف والمجلات والسوشيال ميديا، ولكن أنا أقول إن الكمبيوتر بلا موهبة، فكل شيء في فن الكاريكاتير يبدأ من الخيال نبع المواهب، ثم تأتي التكنولوجيا لتعطي شكلاً ولمعاناً وتختصر الوقت لا أكثر، وكثير من كتّاب الأطفال وبعض المجلات يفضلون الرسم اليدوي، لما يحمله من روح مُتّقدة وشحنة تعبيرية تضيع مع التكنولوجيا. المرأة رسامة لا ناقدة • كيف تصف مساحة المرأة في لوحاتك؟ - المرأة حاضرة في لوحاتي الكاريكاتيرية، خاصة في رسم الوجوه ولكن ليس كالرجل، لأن رسمها عمل شاق، وإرضاءها بصرياً غاية لا تُدرَك، فلذلك عندما أرسم المرأة أبذل جُهداً مضاعفاً لما أبذله في رسم الرجل، لأن خطوطها انسيابية وتجري بين طيّاتها شحنة الأنوثة التي لا يجوز ارتكاب أي غلطة فيها مهما صغرت، عندما أرسم المرأة كمَن يمشي في حقل ألغام. • ما تعليقك على من يقول إن الكاريكاتير فن رجالي تمارسه النساء على استحياء؟ - وجود المرأة في المجال الكاريكاتيري أقل من الرجل بكثير، كما أن الكوميديات في فن التمثيل قلّة قياساً بعدد الكوميديين الذكور، لأن المرأة عاطفية شفّافة وشاعرية تُبدع في الألوان، بمعنى هي ملونة أكثر منها رسامة، وفنانة أكثر منها ناقدة، والكاريكاتير يحتاج إلى الرسم والعقل والنقد وليس العاطفة، وعلى الرغم من ذلك لا تخلو الساحة تماماً، فهناك بعض «الكاريكاتيريات» في العالم العربي، لكن وجودهنّ في الغرب أكثر. خفض سقف الحرية • هل تعرضت لأي متاعب أو هجوم بسبب رسوماتك؟ - من الطبيعي أن يتعرض رسام الكاريكاتير للمتاعب، خاصة عندما يكون سقف الحرية منخفضاً، وهو يقوم برفعه تحديداً عندما يرسم في السياسة. بالنسبة إليّ لقد تعرضت لبعض المضايقات ولكنها ليست كثيرة، ودائماً كنت أرسم ضمن سياسة المطبوعة التي أعمل فيها، فكان القيّمون على المطبوعة يراقبون الرسوم قبل النشر، ويضعون لنا الخطوط الحمر التي تناسب سياسة النشر لديهم. • ماذا عن رسم وجوه الفنانين والمشاهير؟ - على صعيد الفنانين وخاصة النساء، كان بعضهن ينزعجن عندما أتجاوز تطلعاتهن في رسم أشكالهن، ومنهن فيفي عبده وسهير البابلي، وهيفاء وهبي التي سبق أن رفعت دعوى على المجلة التي نشرت فيها رسماً كاريكاتيرياً لها وربحتها، لأنها لم تحب صورتها، والأكثر إزعاجاً لها كان التعليق الذي كتبه رئيس التحرير وقتها. عموماً المرأة حريصة كل الحرص على صورتها في الزاوية الأكمل. • ما أشهر الشخصيات التي رسمتها كاريكاتيرياً؟ - من الرجال رسمت عادل إمام وحسين فهمي وسعيد صالح ومحمد منير، وغيرهم ممّن رسمتهم على الواقع، خاصة عندما كنت أرسم لتلفزيون المستقبل في بيروت، إذ كنت أقابل الفنانين وجهاً لوجه، ويُعبّرون لي عن سعادتهم بالرسومات، لأني أرسمهم بحُب الفنان الذي يحبّه كل الناس. أما السياسيون فكان ينقسم الناس في موقفهم تجاههم، حسب ميولهم ومحبتهم.