«البقشيش» كلمة فارسية، تعني الهديّة، يدفعها الزبون إلى العامل من باب الذوق والتقدير مقابل خدمة دفع ثمنها أساساً. و«البقشيش» أو الإكرامية، هي بلا شك ظاهرة عالمية مُتفشيّة في كل مكان، حتى صارت صورة اجتماعية بدأت تأخذ شكل العُرف في التعامل بين الزبون والعاملين في المطاعم و«الكافيهات» ومحطات البنزين، وغيرها من الأماكن التي تقدم الخدمة للزبائن بواسطة عاملين، يسعون إلى إرضاء الزبون بالوسائل كافة، حرصاً على راحته من جهة، وطمعاً فيما يقدّمه لهم من «بقشيش» يُشكل معيناً إضافياً لرواتبهم الضئيلة. وظاهرة «البقشيش» أصبحت مثاراً للجدل مؤخراً في دولة الإمارات، خاصة بعد إقرار قانون الضريبة المضافة، حيث امتنع البعض عن دفعها بسبب تزايد المدفوعات المطلوبة منهم شهرياً. إتيكيت «البقشيش» الغالبية منا يدفع «بقشيشاً»، لقاء خدمات قد تكون جيدة أو ممتازة أو عادية في بعض الأحيان، من دون أن نعلم أن لدفع «البقشيش» إتيكيتاً خاصاً يتم اتّباعه حسب قيمة الفاتورة أو رسوم الخدمة المدفوعة. في هذا الجانب تتحدث خبيرة الإتيكيت أمل دمشقي عن قواعد الإتيكيت في دفع «البقشيش»، وتقول: «من الأفضل تحكيم قناعتك لتحديد القيمة المناسبة للبقشيش أو الإكرامية عند تقديمها، كاعتراف بالجميل لمن قدّم لك الخدمة التي طلبتها أو كنت بحاجة إليها». وعلى الرغم من أن هناك نسبة مُتعارفاً عليها في معظم الدول والثقافات، يبقى القرار الأخير للشخص في تحديد قيمة «البقشيش» للتعبير عن مستوى سعادته بهذه الخدمة. فمن الممكن اتّباع بعض المقترحات المتعارف عليها عالمياً، كإعطاء 10% من قيمة الحساب الإجمالي للفاتورة. وإذا لم يكن ذلك مناسباً، فيمكن إعطاء هذه النسبة من قيمة الفاتورة قبل إضافة قيمة الضريبة. ومن باب الإتيكيت أيضاً، يجوز إعطاء 20% من قيمة الحساب إذا كانت الخدمة استثنائية، أو إذا كانت خدمة مجموعات مكونة من ستة أشخاص أو أكثر». وتشير دمشقي إلى وجود خدمة أخرى، ندفع إليها مقابلاً، لكننا نغفل في بعض الأحيان عن دفع «بقشيش» لمن يقوم بها، وهي الشخص الخاص بمواقف السيارات، ويجوز إعطاؤه 20 درهماً لا أكثر، أما في حالة «الديلفري» أو توصيل الطعام إلى منزلك أو مركز عملك، فمن اللياقة إعطاء الشخص على الأقل 10 دراهم أو أكثر في حال كانت المسافة طويلة على السائق. تحفيزاً للعمال يؤمن الكثيرون بأن الإكرامية تُعتبر إضافة مفرحة لشخص أدّى عمله بطريقة متميّزة وعلى أكمل وجه، مما يُشعر الزبون بأنه متميز ويضمن له الحصول على الخدمة المتميّزة في المرات المقبلة. ويرى خليفة مطر أن دفع «البقشيش» في هذه الحالة يكون حافزاً، مُضيفاً: «درست في الولايات المتحدة الأميركية، ومع وجود الضريبة كنت دائماً أدفع «البقشيش»، لأن رواتب الموظفين تكون في الأغلب من المبالغ البسيطة التي نضعها لهم. أما بالنسبة إلى دولة الإمارات، فالعامل يكون لديه راتب ثابت ولا يعتمد على «البقشيش» بشكل كلّي، ولكن إن كانت خدمته متميزة فعلاً، فلا أجد ضرراً من دفع «البقشيش» للحفاظ على جودة الخدمة التي يقدمها وتُعتبر حافزاً جيداً له». ويتابع خليفة: «في أميركا والدول الأوروبية تُعتبر الإكرامية شيئاً إضافياً، ويُفاجأ العامل حين يتلقاها، حيث إنها لا تكون متوقعة. أما في الدول العربية فلا يُفاجأ العامل بوجودها، بل يكون معتاداً على الإكراميات العالية، فلا تعجبه في بعض الأحيان الإكراميات المتواضعة، وهنا تفقد الإكرامية أهميتها الأساسية، وهي تشجيع العامل على بذل المزيد من الجهد حتى يحصل عليها». عادة يومية ترى فاطمة الحمادي أن «البقشيش» أصبح عادة يومية، ويُدفع سواءً أكانت الخدمة عادية أم متميزة، لكنه يخضع لمزاجية الزبون وحسب الفاتورة، وتقول الحمادي: «دائماً أفصل بين الضريبة و«البقشيش» الذي أضعه لمن قدّم لي أي خدمة، ففي بعض الأحيان أشعر بأن المرء لم يأخذ ما يستحقه كمكافأة للخدمة التي قدمها لي، والتي تُحتسب في الضريبة فأقوم بوضع «البقشيش»، وبالطبع أنا لا أدفعها إذا لم أكن راضية تماماً عن الخدمة، ولكن في بعض الأحيان لأننا تعودنا على الدفع، نقوم بترك إكرامية حتى إن كانت الخدمة عادية جداً، وأنا أدرك أننا يجب أن نتخلى عن هذه العادة، لأن العامل لن يضيف إلى المجهود الذي يبذله في عمله، ولكن نحن كشعب عربي خليجي يتصف بالكرم والطيبة، نُدرك مدى صعوبة التخلي عن هذه العادة».