هاني سلامة، من الأسماء الفنية المصرية اللامعة ذات الرنين والأهمية، وفي رمضان ومن خلال مسلسله «فوق السحاب»، كان واحداً من فرسان الدراما لهذا العام. «زهرة الخليج» بعد نجاح عرض عمله، التقته في هذا الحوار: • بداية، ما الذي شجعك على بطولة مسلسل «فوق السحاب» بعد النجاح الذي حققته في مسلسل «طاقة نور» خلال رمضان الماضي؟ - الدور كان مختلفاً بالنسبة إليّ تماماً، من خلال شخصية الشاب الذي يقطن بمنطقة شعبية في «نزلة السمان»، ثم تلعب الصدفة دورها فيسافر إلى روسيا ويتورط مع المافيا هناك بشكل أو بآخر، فهذا الشكل من «الكاركترات» لم أقدمه من قبل، كما لم يرني أيضاً الجمهور في دور الشاب الذي يمتاز بخفة الدم وسرعة البديهة وابن بلد مسبقاً، لذا كانت الشخصية بمثابة تحدٍّ كبير بالنسبة إليّ، لأنني أحب المغامرة، وكنت حريصاً على تقديمها بشكل غير مبتذل حتى لا يتضايق الجمهور مني. • وكيف استعددت لهذه الشخصية خصوصاً أنك تنتمي - طبقاً لأحداث المسلسل - إلى عالمين مختلفين هما المافيا الروسية و«نزلة السمان»؟ - لو دققنا النظر سنجد أن أغلبية سكان «نزلة السمان» يعملون مع السياح، لذلك ستجد لديهم معرفة وإجادة تامة لكل اللغات التي تتحدث بها جميع الجنسيات التي تأتي تزور مصر، لذلك كان «ماندو» (الشخصية التي أجسدها في المسلسل) مهيأ للتعامل والاختلاط مع الأجانب في الخارج، وبالتالي كان دخوله عالم المافيا الروسية ليس صعباً، بالإضافة إلى أن روسيا لم تكن المحطة الأولى لـ«ماندو» فكما رأينا في حلقات العمل، أن لديه العديد من المعارف بمختلف الجنسيات في بلدان أوروبية عدة، لذا لو لاحظنا عند عودته لمنطقته «نزلة السمان» أصبح مختلفاً حتى عن سكان الحارة، لأنهم لم يكتسبوا أو يعيشوا تجربته نفسها. المظهر الخارجي • لكن لماذا لم تهتم بالمظهر الخارجي للشخصية، فقد رآها البعض تشبه إلى حد كبير شخصية «ليل» في «طاقة نور»؟ - نحن اخترنا «اللوك» المناسب للشخصية، بعدما شاهدنا العديد من النماذج التي تتعلق بالمظهر الخارجي للشباب في المافيا الروسية، مثلاً أنا شخصياً لا أهوى «التاتوهات»، لكنني وضعته عندما تطلبته الشخصية أو الموضوع نفسه. وفي الواقع، المظهر الخارجي ليس من اهتمامي في المقام الأول، بل أهتم بالشخصية وأدائها وانفعالاتها، وأعتبر المظهر الخارجي أمراً مكملاً. • أثارت الحلقة الأولى من العمل جدلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن جرعة الأكشن كان مبالغاً فيها وتستهين بعقلية المشاهد، ما تعليقك؟ - طبعاً، وجهة نظر الجمهور تحترم ولكنها ليست وجهة نظر الجميع، لأن ردود الفعل التي وصلت إلي من الجمهور في الشارع بعد العرض كانت إيجابية وتأثيرها قوياً عليهم، وجميعها كانت مؤيدة لرؤيتنا، يجوز طبعاً ألا يتفق معنا الجميع، ففي النهاية أنت تستعرض حدوتة بكل عناصرها، وأستطيع القول إن مشاهد الأكشن الهدف منها الاستعراض بشكل عام، وهي جزء لا يتجزأ من الأعمال الدرامية أو السينمائية حول العالم، ففي النهاية هذا فن ووارد أن يحمل جزءاً من الخيال، فمن المستحيل أن يتمكن أحد في الحقيقة من الهروب من المافيا والسجن الروسي أو غيره من دون إصابة، تلك مشاهد درامية تحمل قسط من الخيال، وهذا ما نراه كثيراً في الأفلام الأجنبية، حيث نجد النجم توم كروز يفجر الكرملين ويقفز من هنا وهناك، ونجد المشاهد العربي للأعمال الأجنبية سعيداً ويصفق متقبلاً كل شيء فيها من دون التعليق على أي من ذلك، أما بالنسبة إلى الأكشن في أعمالنا العربية فهو شيء أقل من قدراتنا ولا يتقبله مشاهدنا، لذا أرجوكم لا تقللوا من قيمة أعمالنا وقدراتنا على تقديم الأكشن، وهذا خطأ فادح وغير صحي، أو من المحتمل أن يكون المشاهد العربي معتاداً رؤية هذا الشكل من الأكشن في السينما أكثر من التلفزيون. • وهل استعنت بـ«دوبلير» في مشاهد «الأكشن» بالمسلسل أم قمت بتنفيذها بنفسك؟ - نعم في بعض المشاهد الصعبة والخطرة، وفي النهاية كان يجب الحفاظ على حياتي كي أستطيع مواصلة التصوير حتى الحلقة الأخيرة، بالإضافة إلى أن الـ«دوبلير» في الدراما والسينما مهنة حقيقية لها دورها، ووجوده لا يعيب أي ممثل. جمال عبدالناصر • أثارت صورة «الزعيم» الراحل جمال عبد الناصر جدلاً واسعاً بعد ظهورها في إحدى الحلقات، فهل كان له مغزى درامي معين؟ - الحقيقة، صاحب الفكرة هو المخرج رؤوف عبد العزيز، الذي أتفق معه في الرؤية وأراها نابعة من الواقع، فنحن حين نسافر في الخارج نجد أن المغتربين العرب، خاصة كبار السن، لديهم ارتباط كبير بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر بشكل أو بآخر، لأنه لم يكن زعيماً مصرياً فقط، بل كان العالم العربي بأكمله يكن له الاحترام والحب، بالتالي فإن وضع الرجل السوري صورة «عبد الناصر» كان أمراً منطقياً يتفق مع السياق الدرامي للأحداث. • ضم العمل عدداً كبيراً من الوجوه الشابة والصاعدة، ألم تخشَ أن يؤثر هذا في نجاح العمل ويخرجه من المنافسة مع نجوم دراما رمضان؟ - الفكرة ليست في الأسماء الكبيرة أو الصغيرة، فحين نجد شخصية مناسبة نختارها. وبالنسبة إلى التعاون مع الشباب، ليس لديّ أي مشكلة تجاههم، فلو استرجعنا معاً مشواري الفني، سنجد أنني عملت قبل ذلك مع أسماء لأول مرة، سواء على مستوى التمثيل أم مع مخرجين مثل سعد هنداوي وعلي إدريس، وسعيد بهذا. • ألم يكن لديك أي تحفظات على اختيار الفنانة اللبنانية ستيفاني صليبا بطلة للعمل، لاسيما أن مشوارها الفني قصير للغاية؟ - إطلاقاً، وعندما اختارها المخرج وجدناها مناسبة للدور، وعندما طلب مني إبداء وجهة نظري حولها، أكدت له أن شكلها ملائم لامرأة لبنانية مغتربة تعمل مع المافيا الروسية كما يتطلب الدور، أما تمثيلياً فليس لديّ أي فكرة حول أدائها، لذلك بدأنا في الإطلاع على عدد من مشاهدها من أعمالها السابقة، واتضح أنها ممثلة «شاطرة» ولديها موهبة كبيرة. • ألم تخشَ تناول العمل بعض المواضيع السياسية الشائكة بهذه الجرأة، مثل «العنصرية ضد الإسلام في أوروبا» وغيرها؟ - لا، لم يكن لدينا أي تخوفات من تقديم هذه المواضيع، لاسيما أنها رؤيتنا الشخصية وقناعتنا ونحن مسؤولون عنها، حتى إننا لم نواجه أي اعتراضات من جانب الرقابة، والدليل على ذلك أن المشاهد عرضت كاملة من دون أي حذف، وبعيداً عن الحديث في شؤون سياسية كل الأحداث والخطوط الدرامية التي تعرض لها العمل هي تمثل رؤيتنا ووجهة نظرنا، ومن واجبنا أن نلقي الضوء على مثل هذه القضايا والمشكلات. • هل أثرت التكلفة الإنتاجية الضخمة للمسلسل في أجرك في «فوق السحاب»، خصوصاً في ظل تقليص ميزانيات الأعمال الدرامية في الوقت الراهن؟ - قد تدهشون إن قلت إن التكلفة الإنتاجية للمسلسل بالورقة والقلم، هي أقل بكثير من أعمال أخرى تم تصويرها بالكامل هنا في مصر، على الرغم من أننا قمنا بالتصوير في نحو أربع دول أوروبية، وهذا الأمر كان محيراً بالنسبة إلى العديد من العاملين في سوق الدراما أكثر من الجمهور العادي، والحقيقة أن الفضل في هذا يعود للتنظيم الجيد من الجهة الإنتاجية والمخرج، وفي الواقع، نحن لم نسافر بهدف الترفيه، لكن السفر كان له مبرر درامي. • أخيراً، عمل «فوق السحاب» كان مهدداً بالخروج من السباق الرمضاني، وحدث هذا مع أكثر من فنان غيرك تأجلت أعمالهم لما بعد رمضان، فلو صادفك ذلك، ماذا كنت ستفعل؟ - ليس لديّ مانع من عرض أعمالي خارج موسم رمضان، والدليل على ذلك أني قدمت جزأين من مسلسل «نصيبي وقسمتك» خارج الماراثون الرمضاني، وقد حقق نجاحاً كبيراً، لكنني أفضل دائماً أن يكون لديّ علم منذ البداية بأن العمل سيتم عرضه بعيداً عن الموسم الرمضاني، ولا أفاجأ بخروجه في اللحظات الأخيرة لأني حينها سأشعر بالضيق.