فدخلتُ الدّينَ صلّيتُ التراويحَ حملتُ الكتبَ الأولى وغنينا نشيداً للسلامْ نشيداً للعلمْ وفَطرنا وتصنعنا الصيامْ في ليالي رمضانْ وسهرنا نلعبُ (الهول) إلى وقت السّحور **** وتسابقنا إلى مائدةٍ من فرحٍ كانَ الفطورْ حينَ يدعونا وأطباقُ الطعام طبقاً أو طبقين وإذا صِرنَ ثلاثة قيلَ عن ذاك بَطَرْ كانَ فينا طبعُ كل الأنبياءْ حينَ كنَّا في الصِّغرْ آمناً في سربه ودع شهر المحبة والمودة والكرم، وبقيت للكثيرين منا حالة من السمو الروحي والأخلاقي، التقينا أصدقاء لم نرهم من زمن مضى، وتعارفنا مع أناس بمحض الصدفة التي لا يملي عليها أحد، فحين تأتي المصادفة الجميلة لا نلتفت إلى أي تخطيط مسبق. غادر رمضان بأجمل صورة حين أهدى العيد في ختامه، فرحة للجميع وإن كان هناك من لم يجد متسعاً للفرح، ولكنه الفرح هي ما نعتد به في نهاية رمضان، وما بين فرح الإنسان الشخصي والفرح العام، لا بد للمرء من رصد ما حوله من مسببات الفرح والسعادة. حين كنا في الصغر، كانت ملابس العيد الجديدة والعيديات سبباً كافياً لفرح الأطفال، وحين كبرنا قليلاً كانت العطلة المدرسية في العيد وقصر ساعات الدراسة سبباً كافياً للفرح، وحين كبرنا تعددت أسباب الفرح لدينا، وكل إنسان أدرى بما يملي عليه سعادته. ومن خلال مراقبة لما يدور حولنا، فإن الأخطار التي تحيط بنا أكثر من الأفراح التي نرصدها بلهفة، ومن بين ما نراه من مآسٍ وابتلاءات، فإنني تذكرت حديث الرسول الكريم (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها)، وكان الأمان أولى تلك الكرامات، ونحن بفضل من الله ومنه نعيش الأمان الذي نرجوه، والأمان الذي يريده من يفتقده، وهو أمان جاء من نعم الله علينا أولاً، ومن جهد وسهر الكثير من المعنيين بالأمن في الدولة. الأمان الذي لا يعرف قيمته إلا من افتقده، وذاق مرارته من حرم منه، يجب أن يحرص عليه من يعيشه أو ألا يتهاون فيه، ولا يتوجب على الإنسان أن يذوق السيئ ليعرف الجيد، لا مبرر أن يعيش الإنسان الحرمان والخوف ليعرف فضل الأمان. إن الحياة تمنح التجارب لكل البشر ليس كل واحد على حدة، فمن تجارب الآخرين نتعلم، ومن جهل الجهلاء يتعلم الأذكياء، ومن الإنسان السلبي يستمد الإيجابي قوته وإصراره، هناك حالة تبادلية بين الناس أشبه ما تكون بعلاقة الحب، والإمارات استطاعت أن تقدم النموذج الأمثل في العلاقات الإنسانية، على الصعيد الرسمي والفردي. من أصبح منكم آمناً في سربه إذن، أي في نفسه وعياله وأهله، وهذا هو المفتاح الأول، فحافظوا على المفتاح الأول، واحرصوا عليه كما لم يحرص الإنسان على شيء قبل ذلك، حتى تصيب عدوى الأمان بقية الأقطار العربية التي حرمنا من زيارتها، وحتى يعم السلام جميع من نحب من إخوتنا في الإنسانية والعروبة والإسلام، وكل عام والجميع بألف خير وصحة وسلام وأمان.