أريج البنّا الأدوار الخاصة أو المعقدة التي تتمحور حول تجسيد شخصية من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل شخصية الكفيف، تحتاج إلى قدرات تمثيلية هائلة وغير اعتيادية من الممثل لأنها تحرمه من لغة العيون التي ينقل من خلالها أحاسيسه ومشاعره إلى المشاهد، وتظهر بالتالي مقدرته في تجسيد دور يفتقد لهذه اللغة. كُثر هم الفنانون الذين برعوا في تقديم شخصية الضرير على الشاشات في المسلسلات والأفلام لأنها إضافة لرصيد أي فنان، لكن كيف لو قدمتها ممثلة شابة يراها البعض مبتدئة في التمثيل، ببراعة توازي براعة كبار الفنانين؟ بعينيها اللتين لا تريان النور، استطاعت أن تُبهر الجمهور، بملامحها الصادقة ونبرة صوتها الدافئة خطفت قلوب المشاهدين، إنها الممثلة الكويتية أريج العطار التي لعبت واحداً من الأدوار الإنسانية المميزة في المسلسلات الرمضانية هذا العام، حيث قدمت دور الضريرة "شهد" في المسلسل الدرامي الاجتماعي "روتين". أريج التي بدأت مسيرتها في سنّ العاشرة مع المخرج غافل فاضل في مسلسل "للحياة وجه آخر" استطاعت أن تكون إحدى المفاجآت الرمضانية التي لم يتوقعها الجمهور، فرغم سنّها الصغير نجحت في تجسيد دور الكفيفة بصدق كبير، وكسبت تعاطف المشاهدين. و"شهد" في مسلسل "روتين" هي فتاة كفيفة ترغمها والدتها على الزواج بشاب حاد الطباع ومصاب بمرض مميت? لتبدأ العلاقة الجدلية بينها وبين زوجها الذي يجعلها تعيش في بحر من العذاب مع والدته التي بدورها تلعب دوراً في رحلة الحزن والقهر التي تعيشها "شهد". علاقة شائكة جسّدها الثنائي أريج العطار وبدر الحلاق باحترافية عالية جعلت من قصتهما الأبرز في المسلسل? لما تحمله من مضامين جديدة وجوانب نفسية عميقة? حيث تمنّى البعض لو أنها كانت القصة الرئيسية في العمل. تصدّرت صور وفيديوهات أريج بدور الكفيفة مواقع التواصل الاجتماعي، ونتيجةً للمصداقية الكبيرة في شكلها وأدائها، رأى عدد كبير من رواد مواقع التواصل أن على الممثلات أن يتعلّمن من تجربة شهد هذه، فهي لم تكترث لشكلها و"بريستيجها" وملابسها ومكياجها مثلما تفعل الممثلات الأخريات? بل صبّت كل تركيزها على تقمّص الشخصية وتأدية الدور بأفضل شكل وإقناع الجمهور بما تقدمه على الشاشة. ولا شكّ أنّ التعاطف الكبير الذي لاقته شخصية "شهد" هو دليل قاطع على أن أريج أثرت في مشاهدي المسلسل ولامست قلوبهم? بسبب التمثيل الطبيعي والواقعي الذي اعتمدته حتى إن البعض بات يسأل إن كانت بالحقيقة كفيفة أم فقط في المسلسل. كل هذا لا يمنع أن البعض انتقد أريج، وانتقد كيف تركض وهي كفيفة وكيف تضع طلاء الأظافر? وكيف تستخدم الجوال? وتعليقات أخرى كثيرة اعتبرها الجمهور لا تناسب فتاة فاقدة للبصر. كما أنّ فئة أخرى من المتابعين انتقدت مظهرها وتسريحة شعرها القصيرة وشخصيتها الهادئة واعتبروها غير مناسبة لهذا الدور. لكن في النهاية ورغم اختلاف الآراء وتنوع الأذواق، لا شكّ أن دور الفتاة الكفيفة هو من أصعب الأدوار التمثيلية التي لعبتها العطار، ومن المتوقع بعد الأصداء الناجحة التي تحصدها أن يكون محطة فاصلة في سجلّها الفني، وسيرفع من أسهمها فنياً وسيزيد شعبيتها.