حقق المسلسل الإماراتي التراثي «الماجدي بن ظاهر» حضوراً مميّزاً، خاصة أنه عمل فانتازي يتناول حياة أقدم شاعر إماراتي مستنداً إلى التاريخ دون الغوص في تفاصيله ومفرداته، كما أعطى العمل مساحة كبيرة للشعر البدوي الأصيل وللحكايا التراثية الموروثة من تلك الحقبة التي تعود بنا ثلاثة قرون، ولمعرفة المزيد عن هذا العمل حاورت «زهرة الخليج» الشاعر الإماراتي سلطان العميمي، الذي أشرف على الأداء والشعر والحكايات، إضافة إلى الإلقاء المميّز بصوته، وسألناهُ بداية.. • مسلسل «الماجدي بن ظاهر» هو عمل من إنتاج «أبوظبي للإعلام»، وهو يتناول حكاية هذا الشاعر الإماراتي الكبير وابنته سلمى، وأنت أشرفت على مسار المسلسل درامياً والمحتوى، واليوم مع اقتراب نهاية العمل، كيف وجدتم النتيجة؟ هل كانت تتطابق مع تطلعاتكم؟ أم أفضل أو أسوأ؟ - أنا شخصياً لست راضياً، لأنني أعتقد بأن هناك مجال أكبر للخيال، ولكننا لم نكن نستطيع الخروج عن إطار السيرة وحكاية الماجدي بن ظاهر وأشعاره، فكنّا محكومين بهذه السيرة الشعبية وهذه الأشعار من جهة، والظروف التي عاشها أبناء الإمارات في تلك الحقبة التاريخية، وأنا أعتقد أن أعمالاً كهذه يجب أن يكون فيها التزام في معايير مرتبطة بالتاريخ والشعر والحكايات والسّيَر الشعبية، وأنا شخصياً كنت أتمنى لو كنت حاضراً في كل لحظة أثناء التصوير للوقوف على أدق التفاصيل، ولكن بشكل عام العمل ظهر للمشاهد بصورة جميلة ومُرْضية، وردود الأفعال التي وصلتنا أنا وفريق العمل كانت رائعة وهذا ما أسعدنا. • ردود الأفعال كانت محصورة تقريباً بجمهور الإمارات وبعض الدول المجاورة، لماذا لم يتم توجيه العمل ليكون عربياً وتم حصر العمل في الإطار المحلي، كما تم إسناد العمل إلى فنانين جُدد وكان عدد النجوم قليلاً في هذا العمل؟ - نحن حرصنا على أن يكون هذا العمل إماراتياً تماماً، وبالنسبة إلى الممثلين كان هناك بعض الفنانين المشاركين من أشقائنا في دول مجلس التعاون، مثل الأستاذة منى الزدجالي من سلطنة عُمان، التي قدمت شخصية «وديمة» وهي محبوبة بن ظاهر، ولكن نحن لدينا حرص، وهذا تَوجُّه موجود في «شركة أبوظبي للإعلام» على دعم الدراما الإماراتية، وخَلْق وصُنْع دراما إماراتية على مستوى نوعي جيّد ومتميز، لذلك كنا حريصين على مشاركة أكبر عدد ممكن من الممثلين الإماراتيين، وراعينا أن يكون هناك دَمْج بين الأسماء الشابة مع الأسماء المهمة، مثل الأستاذ مرعي الحليان والأستاذ بلال عبدالله والأستاذة منى الغانم والأستاذ منصور الفيلي، فوجود هذه الأسماء في المسلسل كان له أهمية، خاصة أنها أدّت أدوارها بإتقان ورفعت من سَويّة أداء جميع المشاركين في العمل، وبالنسبة إلى ردود الأفعال التي وصلتنا كان أغلبها إيجابي وجميل، وهي من دول مجلس التعاون كافة، والعمل له متابعون من دول عربية مثل الأردن أيضاً، وأغلب التعليقات كانت تُشيد بالعمل، خاصة أنه باللهجة الإماراتية وعن حكاية شاعر إماراتي وعن الأشعار الإماراتية النبطيّة، وهذا ما يؤكد بأنه يجب علينا إبراز الموروث الإماراتي والشخصيات الإماراتية واللهجة والأشعار في مسلسلاتنا وتوظيفها. • هل يعني بأن هناك خطة لديكم لإنتاج المزيد من هذه الأعمال؟ - بكل تأكيد، الخطة موضوعة لسنوات قادمة وليست لسنة أو اثنتين، وهناك منذ الآن رصد لشخصيات إماراتية مؤثرة عبر التاريخ والتي تركت بصماتها على مختلف الصّعُد، كالشعر أو المجتمع أو الفن، ومنذ اليوم نحن نجهز أعمالنا لرمضان المقبل والذي يليه. • لاحظنا مشاركة متميّزة من صوت عيضة الإماراتي تلحيناً وأداء لشلات العمل، إلى أي مدى أسهم عيضة في تجميل الشعر، خاصة أن الأداء الجميل يساعد الشعر على الوصول بإحساس أعلى للمتلقّي؟ - إضافةً إلى أن الفنان عيضة المنهالي هو خامة صوتية مختلفة ومتفرّدة ومتميزة في دولة الإمارات، فأنا أجد بأن عيضة ملحن خطير استطاع أن يشل قصائد الماجدي بن ظاهر في ألحان إماراتية وبتمكن واقتدار، علماً بأن وزن الأشعار التي كتبها الماجدي هي أشعار هلالية وتلحينها صعب وليس بالأمر السهل، ولكن عيضة بذكائه وموهبته استطاع أن يوجد توليفة حِنِّـيَّـة متميزة، ووجدت هذه الشلات القبول من مختلف الطبقات العمرية في الإمارات فأحبها كبار السن والشباب، وبالفعل فقد زادت قصائد الماجدي بن ظاهر جمالاً مع صوت عيضة المنهالي. • لا يخفى على أحد بأنك شاعر كبير وعضو أساسي في برنامج شاعر المليون والإمارات مليئة بالشعراء، فلماذا تم اختيار الماجدي بن ظاهر تحديداً من وجهة نظر شعرية؟ - من وجهة نظر شعرية، فأعتقد بأن الماجدي بن ظاهر إضافة إلى كونه رمزاً إماراتياً وكونه أقدم شاعر وصلنا إنتاجه الشعري النبطي حتى الآن، فهو أيضاً قدّم تجربة شعرية خطيرة ومؤثرة في الأجيال كافة التي أتت بعده، وإلى اليوم ما زلنا نستكشف في أشعاره طبقات من العمق والمعنى، فتجربة بن ظاهر خطيرة ومتميزة وتستحق فعلاً أن تؤرَّخ عبر عمل تلفزيوني مهم. • اليوم المتابعة لم تعد فقط عبر شاشة التلفزيون، بل أصبحت هناك متابعة عبر اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي تقوله لمن لم يتابع العمل لتحفزه على مشاهدته، سواءً في الإعادة أم على اليوتيوب؟ - من لم يتابع «الماجدي بن ظاهر» سيفوته متابعة البداية الجديدة للأعمال الدرامية في الإمارات، ومن لم يقرأ قصائد الماجدي بن ظاهر سيكتشف من خلال المسلسل روعة هذه الأشعار، وسيعرف الكثير من المعاني الراقية التي يقدمها هذا الشاعر في أبياته الجميلة التي ربطناها بحياة الماجدي بن ظاهر. • في حديثك تصريح واضح بأن العمل يستند إلى التاريخ ولكنه يؤكد بأنه فانتازي بحت، فأين هي الحقيقة؟ - كلاهما صحيح، وهذا يعود لسبب قِدَم الفترة التي عاش فيها الماجدي، فلم يكن في الإمكان معرفة التفاصيل المرتبطة بتلك الفترة كافة، لذلك نحن أشرنا بأن العمل يستند إلى الفانتازيا والخيال، واللهجة المستخدمة هي لهجة البداوة المستقاة من أشعار الماجدي بن ظاهر، وراعينا فيها عدم صعوبة مفرداتها وعدم إغراقها في البداوة، بحيث تكون سهلة للمتلقي قدر المستطاع في البيئات البدوية في دولة الإمارات العربية المتحدة كافة، ولهذا تجد أن هناك غياباً لبعض المفردات المستخدمة حالياً، ولكننا استخدمنا هذه المفردات التي انقرضت اليوم لأنه استخدمها هو في أشعاره، وراعينا أن نحافظ على موروثنا في اللهجة الإماراتية وعلى عاداتنا قدر الإمكان.