كل وسيلة إعلامية، مهما كان نوعها وحجمها وجمهورها، تستطيع غرس قيم التسامح والمحبة، وتسهم في إحلال لغة الحوار، ذلك أن أثر الإعلام إذا ما خلا من الأيديولوجيا المقيتة فإنه حتماً سينشر أجواء من المودة والتفاعل والإيجابية، وتحفيز الوعي على التواصل الخلاق، وتقديم خطاب بديل ينقل المتلقين من البعد السلبي إلى إيجابية التفكير، كما سينهض بتحفيز الأجيال على التخلص من السوداوية. وقد أبرز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة هذا الواقع، عندنا قال، قبل أيام، إن «محاربة التطرّف والإرهاب إعلامياً وفكرياً لا تقل عن محاربته أمنياً وعسكرياً، ولا بد من استراتيجيات استباقية قائمة على شرح مفاهيم ومضامين الخطاب الإسلامي الداعي إلى السلام والتسامح وبث روح الأمل والإيجابية». ما يعني أن الإرهاب يقدم ديناً خاصاً به، ولا يمت إلى عدالة الإسلام وسماحته بأي صلة، وإلا لما شهدنا خلال السنوات الأخيرة جرائم بشعة وثقافة انتحار متوحشة، استخدم فيها الظلاميون الدين شعاراً للموت، بينما هو دين يدعو إلى الحياة. المنصات الإعلامية، المرئية والمسموعة والمقروءة، ووسائل التواصل الاجتماعي، كلها مسؤولة عن مواجهة التعصب واليأس والتشدد، والتحرك للأمام، من أجل محتوى تنويري يساعد على نشر الاعتدال والمحبة والتدين الواعي، ويعتني بالتفاؤل والأمل. أقول هذا الكلام في افتتاحية مجلة عريقة، مثل «زهرة الخليج»، وهي مطبوعة منوعة، تستهدف المرأة، ويركز محتواها الثقافي والترفيهي على قصص البطولة والنجاحات والمواهب والقضايا المتصلة بشؤون النساء، والمضمون المتعلق بالجَمال أيضاً، وتسعى إلى تأكيد إسهامها في بث الطاقة الإيجابية والسعادة، لتوجه السلبية والظلامية اللتين تعتاش عليهما أفكار المتطرفين والإرهابيين. الدور أكبر من مجلة تعمل في جزء من المهمة. فالبرامج الحوارية والأخبار والآراء والتدوينات والدراما، كلها معنية بإدراك الخطر الذي يهدد المجتمعات إذا سمحنا للتطرف بإملاء شروطه على حياتنا. ففهم الدين ليس احتكاراً لأحد. ونحن على يقين بأن المستقبل أساسه التسامح وجوهره الإنسانية وأفقه الحيوي المحبة والمودة.