منال المسلم إمرأة كويتية وناشطة على الصعيد الإنساني، وممثلة "مؤسسة التنفس التحولي" في العالم العربي. فقدت ابنتها دانة وهي بعد لم تتجاوز الخامسة من العمر، فقررت أن تؤسس "فريق دانة التطوعي" لمساعدة اللاجئين السوريين في العام 2010، وتعطي بلا حدود، إيماناً منها أنه من خلال فعل الخير ترى "دانتها" في وجوه الآلاف من الذين تقدم لهم المساعدة. على هامش حفل جائزة "صناع الأمل" الذي عقد في دبي مؤخراً، وفيه نالت الجائزة بعد أن وصلت مع مرشحين خمسة إلى النهائيات، التقيناها وكان الحوار التالي..

* أنت مدربة على التنفس التحولي، فما تعريفه والغاية منه؟ - التنفس التحولي هو عملية تشافي ذاتية، يعلم الشخص الأسلوب الصحيح في التنفس من خلال استخدام الحجاب الحاجز، وهو يعمل على ثلاثة مستويات: الجسدي والذهني والعاطفي الروحاني. كما يعمل التنفس التحولي على العواطف والمشاعر المكبوتة، وغايته تحرير الشخص من الأثر السلبي للصدمات والتجارب المؤلمة التي يمر فيها، ليحولها إلى طاقة إيجابية. * هل التنفس التحولي هو اختصاص درسته أم هو خبرة اكتسبتها من خلال الممارسة؟ - بدأت بممارسة التنفس التحولي في عام 2009، ولكنني تخصصت به عام 2010 بعد أن سنحت لي الفرصة بتعلمه مباشرة من مؤسسته الدكتورة جوديث كرافينز وهي من أصل أميركي، وتعتبر الأفضل والأكثر خبرة في هذا المجال. واليوم أنا كبيرة المدربين على التنفس التحولي وربما الوحيدة في المنطقة، وأشكل حلقة الوصل بين العالم العربي والمؤسسة الأم. تجاوز فقدان "دانة" * إلى أي درجة ساعدك التنفس التحولي في تجاوز مسألة فقدان ابنتك دانة؟ - لقد ساعدني التنفس التحولي إلى تجاوز فقدان دانة إلى حد كبير، وقد يكون السبب الرئيس في تشجيعي على تدريب غيري عليه لاسيما الذين مروا بتجارب مؤلمة، ليجدوا مجدداً البهجة والسعادة ومعنى الحياة مثلما وجدتها. تحدي الموت * لقد صنعت من المأساة والحزن أملاً لك وللآخرين، كيف استطعت فعل ذلك؟ - حين فقدت ملاكي دانة وهي في الخامسة من عمرها في حادث غرق عام 2010، شعرت بأن حياتي انتهت. ولكنني استيقظت فجأة مع أمل يملأ قلبي بتخليد ذكراها من خلال أفعال خيرية أقوم بها. وقررت أن أسعد الآخرين لأرى ابتسامة ابنتي تتحدى الموت وترتسم على وجوههم، وتكون بلسماً لي ودواء. أنشأت باسمها "فريق دانة التطوعي"، لمساعدة النازحين السوريين في المخيمات داخل سوريا وفي عدد من دول اللجوء. * من هو "فريق دانة التطوعي" وما المساعدة التي يقدمها للنازحين السوريين داخل المخيمات؟ - يتألف الفريق من شباب متطوعين، أعتبرهم عجلة النمو للفكرة أو المبادرة التي أسستها في بذل الخير، ولهم الفضل في أن يكبر عملنا ويصل إلى هذه المرحلة. يقوم هذا الفريق بتوزيع المساعدات العينية والإغاثية للنازحين السوريين، ويوفر لهم الاحتياجات المختلفة من ملابس ومستلزمات غذائية، كما يهتم بطبابتهم وعلاجهم وأدويتهم، بالإضافة إلى تأمين الخيم والبطانيات والمدافئ التي يحتاجونها في فصل الشتاء وبرده القارص. الفرح أضعاف * هل من أرقام أو مؤشرات للمساعدة المقدمة من فريقكم للنازحين السوريين؟ - إلى اليوم، نظم الفريق خمس حملات تطوعية إغاثية حملت عنوان "روح الأمل"، وفيها قدمنا للنازحين السوريين أكثر من 330 ألف سلة غذائية، والدعم الطبي والعلاج لأكثر من 82 ألف مريض، واعتنينا مباشرة بخمسة آلاف طفل، ووصلت مساعداتنا إلى أكثر من 52 ألف أسرة. يمكن القول إن 340 ألف نازح سوري استفاد من حملات "روح الأمل". * تقولين إن "كل ما أقوم به يعود إليّ أضعافاً"، ماذا تعنين بذلك؟ - بالطبع إن فعل العطاء بمحبة، يعود إلى فاعله أضعاف ما قدمه. حين نزرع السعادة في قلوب الآخرين نحصد سعادة داخلية أكبر منها، وكلما ابتسم طفل بوجهنا تخرج لا محالة ابتسامة له من قلوبنا. عندما أزور المدارس في المخيمات وأرى 500 أو 600 طالب يبتسمون لي ويهتفون باسم دانة ويدعون لي بالخير، أرى دانة في وجوههم فيكبر قلبي، وأنسى ألم فراقها لا بل أشعر بأنه يتحول إلى فرح حقيقي. قد أكون فقدت دانة ولكنني ربحت مليون دانة غيرها. مشوار الأمل * لقد حصلت على جائزة صناع الأمل فماذا أضافت لك؟ - هذه الجائزة هي بمثابة مكافأة لي على جهودي في فعل الخير، وتقدير على الأعمال التي أقدمها للنازحين في المخيمات، وهي مصدر إلهام لي ولكل من نالها ليكمل مشواره في العطاء، ويعطي بدوره الأمل لآخرين هم بحاجة شديدة إليه.